لم يهزم الموت حياة مظفر النواب التي اترعتنا بينابيع الجمال والعذوبة والمعاني الرائعة والتي تفاجئنا دائما وتفاجئ الجهات ببزوغها النادر من وراء الجهات بهدير هائل لرعود وبروق وخيول تطلع من مرايا أراد لها المطلق ان تكون بداية لتشكل الضوء والخلق، وفكرة إبداع الروح الحرة والوجود الخالص الذي لا يكون الا بأشعال حرائق _ كما يرى مظفر _ لا تنطفئ في كل مكان تٌقتل فيه فطرة وجمالية الانسان ويُضطهد وتُهان كرامته. مظفر النواب ومنذا بدايات الشعرية كان يدعو ويبشر بكرامة الانسان، جاعلا منها فكرته الاولى عن معنى المتعالي التي تدخل في نسيج ولهب جوهر الوجود الذي اراد له ان يكون دائرة لا تتوقف عن التفتح على مديح فرادة الكائن وتمجيد قيمته التي لا يمكن ان تخضع لوظيفة او غاية او سلطة مهما تكن طبيعة هذه السلطة فهو يقول بصوت مزلزل نجيب
(هذوله احنا سرجنا الدم،
على اصهيل الشكر يسعود،
خلينا زهر النجوم من جدح الوافر
سود... تتجادح عيون الخيل
وعيون الزلم بارود
ياخذنا الرسن للشمس من زود الفرح
وإنزود......)
في هذا اللب _ الموقف _ الجوهر
يتكثف ويتجلى إلحاح مظفر على موضوع الكرامة التي لا تتبدى الا هكذا شجاعة، باسلة، ليس لها غير هذا الصعود الفذ نحو الاعالي.
وفي هذا اللب _ الموقف
أيضا.. تتوضح اسباب مهاجمة مظفر من قبل انصاف الرجال وعبيد المال ومن بهم دودة محاباة السلطات والصهاينة والاميركان وعملائهما... حتى وصل الامر عند البعض التشكيك بأسمه حيث اضاف احدهم (محمد) الى إسمه، وان امه وابوه لا يعرفون العربية _ وهذه نكتة النكات _، واتهموه بنسبه العربي، واصل عائلته، ورجموه بالطائفية وهو اليساري الناصع الذي قدمته في احلك الظروف واشدها مرارة قصيدة البراءة الشهيرة التي اوقفت سيل البراءات في السجون العراقية.
والآن... هذه غزة هورشيما عصرنا، وهذه انظمتنا (العربية).. وهذا مظفر، وهذا التاريخ
وهؤلاء المهاجمون خدم السلطات واحذيتها.... بمن ولمن نحتكم.
ـــــــــــــــــ
* كتبتُ هذه المادة السريعة بعد حوار حزين عن احوال الثقافة العراقية والانظمة العربية والاحتلال مع الشاعر العراقي كاظم غيلان.
* حملات الهجوم على الشاعر مظفر النواب ممولة نفطيا واحتلاليا.