اخر الاخبار

يعرف الجميع مبنى البنك المركزي الجديد على شاطئ أبي نؤاس من تصميم المعمارية العالمية الراحلة زها حديد، والذي يحاكي حركة حصّالة عدّ النقود ويعد من أهم مبانيها، بل ويعتبر نقطة دالة في تاريخ العمارة ككل. إلا أنه لم يستكمل إنشاؤه حتى اليوم .

واغلبنا لا يعرف مشاريع زها الأخرى في العراق، التي لم تر النور بسبب رحليها المبكر المفاجئ عن عالمنا، و بسبب الإهمال والفساد الإداريين المعطِّلين لكل مشروع يضيء وجه العراق بسمات جمالية متطورة.

يحدثني المعمار المعروف موفق الطائي، الذي أعدّ دراسة عن منجزها المعماري بشكل عام وعن مشاريعها في العراق بنحو خاص، ذاكرا أنها تبرعت بتقديم مشروع متكامل لإعادة أعمار الموصل كلها، لكنها لم تلق استجابة من الجهات المعنية، وحتى بعد رحيلها تبرع فريقها المعماري بإكمال المشروع، ولم يتلقّ القبول لعدم رغبة الجهات المسؤولة في تحمل تكاليف إقامة الفريق وتوفير مستلزماته!

ويضيف: في حياتها كُلفت بتصميم محطة قطار الموصل، وبعد وفاتها نُسي الموضوع ، بل وكُلف فريق آخر بوضع تصاميم جديدة.

وفي حياتها كُلفت أيضا بتصميم مبنى صرح مجلس النواب، ففعلت وأحيل المشروع للتنفيذ، لكن لم يباشر به منذ عشر سنوات. وكُلفت أيضا بتصميم قاعة للأوبرا لكنه استبدل بتصميم آخر. كما كانت الفائزة الثالثة في صرح قصر الرئاسة لبراعتها في اختزال المساحة بمقدار النصف، ولاستخدامها تقنية عالية في التصميم . كما كُلفت بوضع ثلاث تصاميم لجامعات عراقية، هي جامعات بابل وسومر والموصل، وقد أعدت دراسة للجامعات الثلاث، ووضعت تصميما مبهرا لجامعة سومر يحاكي كتابا مفتوحا، يرمز للتعلم وللمعرفة وعُدّ من أنضج وأجمل وأتقن مبانيها، ولم تحصل على أجورها عن إنجازه. وهو آخر تصميم لها قبل وفاتها، ومتوفر الآن لدى الجهات المعنية ولم يُنفذ أيضا!

تفتخر الشعوب بمبدعيها ونحن نطمس انجازاتهم لأسباب واهية. زهاء حديد، وهو اسمها المثبت في هويتها الشخصية، كانت قد نالت أرقى التكريمات العالمية بعيدا عن بلدها الأم. ففي انجلترا مثلا منحت درجة (السير) للاشخاص المتميزين تقابلها درجة (الليدي) للنساء، ثم يأتي التكريم الأعلى وهو درجة (اللورد) للرجال تقابله درجة (الدّيم ) للسيدات والتي مُنحت لزهاء حديد. هذا بالإضافة لجوائز عالمية أخرى مثل جائزة برتزكر للهندسة المعمارية في عام 2004، وجائزة ستيرلنغ في عامي 2010 و2011، والميدالية الذهبية الملكية ضمن جائزة ريبا للفنون الهندسية .

وبفضل جهود معماريينا أمكن إقناع أمانة بغداد بشراء منزلها في منطقة البتاوين، الذي طالما تحدثت عنه حالمة بإعادة تصميمه، لكنه الآن مهمل للأسف، تغطي جوانبه مولدة كهرباء ومحل بنجرجي، بدلا من ان يصبح مزارا ومرفقا سياحيا نفاخر به.

عرض مقالات: