تأمّل الآلاف من أبناء شعبنا قبل سقوط الطاغية، وعشرات الآلاف منهم موظفون من مختلف المهن والاختصاصات، أن سقوط الدكتاتورية التي شردتهم وفصلتهم من وظائفهم بطرق ووسائل تعسفية قسرية، سيؤدي بشكل طبيعي وبلا تعقيدات إدارية وبلا محسوبيات ومنسوبيات، إلى إعادتهم واحتساب سنوات تشردهم وفصلهم، فقط لكونهم رفضوا الانخراط في المشروع التدميري للنظام وطاغيته. طبعا من الطبيعي أن تكون وفق إجراءات إدارية غير معقدة، تضمن الأحقية وترفض التمايزات وفقا للانتماءات الطائفية، او السياسية. والذي حصل بعد عام ٢٠٠٣ هو ان الكثيرين من الذين استحقوا ويستحقون تعويضهم عما فاتهم ظلما وزورا، ولأسباب عديدة ومتباينة، لم يتمكنوا من تقديم طلباتهم، أو انهم رفضوا ما كان يحصل من تعامل بيروقراطي جاف، وتمييز حسب الانتماء، فآلوا الصمت والابتعاد.
أقول إن الكثيرين حاولوا ويحاولون الآن الحصول على حقوقهم، لكنهم يواجهون اليوم أمر إيقاف ترويج الطلبات. صحيح أنه حصل تنفيذ استثنائي، للاستجابة إلى زخم الطلبات، ومر الكثير منها بدون شرعنة بل تحقق بالدعم من قبل أحزاب السلطة، لكن الا يستحق الأمر الالتفات مجددا لكي تتم تغطية كل التظلمات وإعطاء الحقوق، حقوق الفصل السياسي أقصد؟ أليس من واجب البرلمان أولا ومجلس الوزراء ووزير التربية تحديدا، إعادة النظر وانصاف المئات وربما الآلاف مِمن لم تسعفهم الظروف لنيل ما يستحقون؟
إذا باسم هؤلاء نطالب الجهات المعنية، وبالأخص مجلس النواب، بالتعجيل في إصدار مشروع قانون، ما يزال يركن نائحا في أدراج مكاتبهم، لتلبية حاجات هذه الفئة من ابناء شعبنا ولإزالة حيف يضرب حياتهم في الصميم.