اخر الاخبار

منذ عقود، وحقوق الانسان في عراقنا غائبة أو مغيبة، واستمرت على ذلك المنوال بعد تغيير 2003. ولهذا اعتبرها البعض ميتة، وأقام الحداد عليها، بعد أن أجرى لها تشييعا رمزيا! بينما يؤكد البعض الآخر، إنه دفنها بيده بعد أن أخرجها من (مشرحة) الطب العدلي وهي مثخنة بجراح كثيرة، كما يقول التقرير الجنائي، بسواطير المحاصصة والفساد والانفلات الأمني، وممارسات مراكز التحقيق التي تحولت إلى مسالخ بشرية.

ومن المبكيات المضحكات، أن يعتقل قاتل ويخرج لعدم كفاية الأدلة، رغم كثرتها، ويقتل أحدهم أو يختطف أو يعتدى عليه جهارا نهارا، ولا يحاسب المتسبب، لسبب بسيط أنه يملك (طاقية الخفاء)، ولم تستطع عيون العدالة أن تراه، رغم أن كاميرات المراقبة قد رصدته، وشهود عيان ضبطوه بالجرم المشهود. ومن يحاول، معتقدا، إنه يجب أن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي، تمد له قوى اللادولة لسانها كأفعى تريد أن تلدغه، وقد تقتله كما فعلت مع والد المخطوف علي جاسب في محافظة ميسان. وللضحك على الذقون، تمت فبركة (فيلم هندي) وإظهار شاب يدعي قتل الوالد جاسب لخلافات عشائرية! والمواطن له حق التصديق أو التكذيب، ولكن إن طعن بمصداقية الجهة المسؤولة فـ (ذنبه على جنبه)!

 برلماننا العتيد دخل على الخط في هضم حقوق الانسان، ليستكمل سياسة (كل من إيده إله) باقتراح في إنهاء عمل المفوضية العليا لحقوق الانسان، كونها تفضح التجاوزات - كما ذكر الدكتور كاظم المقدادي - وأنه ستتم إدارة المفوضية مؤقتاً من قبل لجنة مشكلة من مجلس النواب بسبب عدم تمكين المجلس من التصويت على لجنة الخبراء لاختيار أعضاء جدد. لكن رفض المحكمة الاتحادية العليا للمقترح، دليل - كما يقول المقدادي – على إن “18 عاماً من الهيمنة على السلطة لم تعلم رئاسة مجلس النواب ضرورة الإلمام بالقوانين والتشريعات والرجوع إليها قبل إصدار قراراتها”.

إن حقوق الإنسان تشكو تخمة من يتحدث باسمها، في الوقت أن المواطن منزوع المواطنة، منزوع الحقوق. فلا يحق له إبداء الرأي أو السؤال عن هدر موارد الدولة وسيادة الوطن. كما ليس له الحق، فعليا، وليس كما يقول الدستور، بالسكن أو امتلاك الأرض، أو التعليم، أو الصحة، أو الخدمات. فالذين يملكون الحق في مصادرة حقوق الآخرين مستعدون لقتلهم، واختطافهم، والتجاوز عليهم، وهدر كرامتهم، ضمن غابة السلاح المنفلت، بالإضافة إلى اجبارهم على دفع الرشى لإنجاز معاملاتهم، كما قال الشاعر بلند الحيدري:

العدل أساس الملك

صه.. لا تحكِ

كذب.. كذب.. كذب.. كذب

الملك أساس العدل

أن تملك سكينا تملك حقك في قتلي

عرض مقالات: