اخر الاخبار

بعد الخلاص من النظام الدكتاتوري 2003، كنا نأمل أن نبني وطنا خاليا من القهر والاستبداد، يعيش في المواطن بأمان وينعم بالرفاه والكرامة، إلا اننا لم نجنِ سوى الفوضى والفساد. فضاعت كل تلك الأمنيات وتحوّلت الأحلام إلى كوابيس.. اينما تولي وجهك في دوائر الدولة، لترويج معاملة، تجد من يعمد إلى حلبك أو سلقك من الباب إلى المحراب! وها هي الفضائيات تبث يوميا لقاءات مع أناس يتحدثون عن مختلف المعاناة من عوز وبطالة وروتين إداري ومعاملات اجبروا على دفع مبالغ مالية غير مبررة، عنها !

قصتنا اليوم تتحدث عن واحدة من فذلكات سلطة الطيران المدني! فحين قررت ابنة اختي الحامل في الشهر الخامس، السفر الى خارج البلاد للسياحة، وعند مكتب حجز تذاكر الطيران، طلب المُسجل من زوجها جلب تقرير طبي خاص بزوجته، عنوانه “سلامة الطيران”، للتأكد من قدرتها على السفر. وأخبروه بأن الأمر بسيط، لكنه في الحقيقة كان “مصيبة”!

ذهبنا إلى مستشفى النسائية والتوليد – الكلام للزوج – فواجهتنا أولى العقبات، وهي دهشتهم من الطلب! شرحنا لهم الأمر لكننا لم نصل إلى نتيجة، ما اضطرنا إلى مقابلة مدير المستشفى، الذي قال مشكورا: حسنا، قدموا لي طلبا خطيا اشرح فيه الحالة.

قدمنا الطلب وفورا همّش عليه المدير، وأحاله إلى العيادة الاستشارية. وهناك عُرضت زوجتي على الطبيبة الاختصاص، التي طلبت منها بدورها، التوجه لإجراء فحص السونار.

فأجابتها بأن: لدي نتيجة فحص سونار أجريته قبل فترة قريبة. لكن الطبيبة لم تقتنع بذلك.

توجهنا إلى السونار، ودفعنا رسم الفحص البالغ 10 آلاف دينار، بعدها عدنا إلى الطبيبة وتقرير الفحص في أيدينا. فكتبت فورا “لا مانع من السفر”، ودفعتنا إلى وحدة “التقارير والإجازات”. لكن هنا اعترض الموظف المسؤول على عنوان الكتاب وهو “إلى من يهمه الأمر”. وبعد اللتيا والتي، ونقاش بلا معنى، قالوا لنا عودوا غدا لتتسلموا الكتاب.

إلى هنا – الكلام للزوج – والربّاط بعد ما وصلناه!

في اليوم التالي، أخذنا التقرير والتذاكر وتوجهنا إلى المطار، وكان يُفترض أن نطير في الثانية بعد الظهر، لكننا طرنا في العاشرة مساء!

لا علينا.. عند ختم الجوازات طلب الموظف تقرير “سلامة الطيران”، فقدمنا له بكل ثقة واقتدار كتابا رسميا موقعا من طبيب اختصاص ومختوما من إدارة مستشفى رسمي تابع إلى وزارة الصحة.

لكنه فاجأنا بالقول: هذا ميصير!

سألناه: ليش، صاحبكم ابو مكتب الخطوط الجوية هو من امر بتحريره !

أجاب: ميصير، توجد هناك في ذاك الركن الهادئ من المطار، وحدة متخصصة، أجلبوا منها تقرير السلامة!

وهذا يعني – الكلام للزوج – ان تقريرنا نبله ونشرب مايه، ونص نهار مراجعة في المستشفى راحت بوش. لكن ما حيلة المضطر؟!

توجهنا للمركز الصحي في المطار، فاطلعوا على تقريرنا الأصولي، وبسرعة البرق قطعوا لنا وصل جباية بـ25 ألف دينار، مشفوعا بـ”سفرة سعيدة”.. أكرر 25 ألف دينار..

يا وزارة الصحة ويا سلطة الطيران المدني، ما قولكما في ذلك؟!

عرض مقالات: