اخر الاخبار

حين شرعتُ بالكتابة عما سيحدث لو تم اقرار تعديل القانون 188 لسنة 1959، تذكّرتُ حادثةً جرت في قريتنا الواقعة جنوب القلب في سبعينات القرن المنصرمعندما فزّ الناسُ  وأنا منهم ــ وكنت فتىً وقتها ــ من قيلولتهم ذات صيفٍ لاهب، مرعوبين على صرخات امرأةٍ مكلومة. وحينما فزعنا راكضين الى مصدر الصوت وجدنا احدى نساء قريتنا جالسة تحثو التراب على رأسها وبين يديها طفل مهشّم الرأس، تساءلنا مندهشين عما جرى لنعرف أن زوجها المدعو أحمد قام بقتل ابنته وابنه الطفلين ( البنت 10 سنوات والولد 8 سنوات ) بآلة حديدية هشّم رأسيهما انتقاماً من أمهما، لأنها تشاجرت معه على مصرف البيت، بعد أن لسعهم الجوع لتقاعسه عن العمل وتفضيله الجلوس في البيت !!

هذه الحادثة زعزعت كياني بالكامل لحظة استذكارها، وتساءلت مع نفسي: تقع هي ومثلها الكثير باختلاف حكاياتها وأشكالها وأنواعها،  والقانون 188 نافذ بكل حذافيره، فكيف اذا تم الغاء فقرات منه مثلاً، وأصبحت المرأة بلا حول ولا قوة وكل حقوقها مهدورة ومسلوبة ؟!

بالتأكيد ستقع أشكال وأنواع من الحوادث التي تكلم القلوب ويندى الجبين لبعضها،من اغتصاب وقتل وتشريد وانحراف وضياع نساء وأطفال وتفكيك أسَر ومجتمع بالكامل، وستعم مجتمعنا الجرائم وكل ما يؤسس لخرابٍ تام !!

قانون الأحوال الشخصية 188ومنذ أكثر من 65 سنة يعمل به الجميع لم يفرّق بين دينٍ وآخر ولا مذهبٍ وآخر، الكلّ سواسية أمام القانون وهذا هو العدل طبعاً، لم نسمع ان احدا اعترض عليه، بل الكل يعملون على وفقه لأنه قانونٌ عراقيٌّ خالص يوحّد أبناء الشعب بطوائفهم ومذاهبهم كافة ضمن فقراته، التي ضمنت الحق وراحة البال  للجميع بلا أدنى مشكلة !

والحق أقول: كنت دائماً أسمع أمّي تقول :(البيت بيت المرأة مو بيت الرجل !)

وعندما أسألها تروي لي قصصاً وحكاياتٍ سمعتْها من جدّتي تؤكد ذلك، ونظرة سريعة للتأريخ نجد الكثير من الأقوال والأمثال والأفعال التي تؤكد ذلك أيضاً !

يقولون أن الانسان سواء كان رجلاً أو امرأة يُنادى عليه في العالم الآخر بــ (فلان ابن فلانة) وهذا دليل واضح على احترام المرأة واعطائها الحق بتربية الاطفال من قبل الشرائع والسنن جميعها، فكيف نسلبها حقّاً منحها الخالق إيّاه ؟!

لماذا نسعى الى افتعال الأزمات ؟!

لماذا لا نفكّر ببناء مجتمع متماسك وشعب متوحّد لا يسكن قلبه غير حب العراق ؟!

لماذا نسعى للاساءة الى المرأة ونعتبرها عورة وهي التي انجبتنا وجاءت بنا الى الوجود وغذّتنا من حليبها ؟!

لماذا لا نفكّر ببناء الوطن ولَمِّ كل ما تشتت فيه ؟!

لماذا تسكننا الأنانية وحب الاستحواذ على كل شيء ؟!

لماذا نسعى الى خراب هذا البلد ونحن نعرف ذلك جيداً ؟!

  أما كفانا موتاً وخراباً وضياع وطن ؟!