اخر الاخبار

لطالما أكد ألبرت اينشتاين صاحب النظرية النسبية واهم عالم فيزياوي في العصر الحديث، أهمية مراعاة القواعد الأخلاقية في أي عمل يُعتقد إنه يسهم في تحقيق السلام والرفاهية للبشر ، مشددا على ترابط العلم والأخلاق والسلطة والمسؤولية بشكل جوهري.

وفي رسالة كتبها لأبنه قال ان « الحياة مثل ركوب الدراجة، فللحفاظ على توازنك (فوقها) يجب أن تستمر في التحرك».. بمعنى أن لابد للمرء من السعي للحفاظ على توازنه في شتى شؤون الحياة دونما توقف.

طبعا يقظته الأخلاقية تلك جاءت إثر ندم مرير لمشاركته ولو بطريق غير مباشر في إنتاج القنبلة النووية، ودفعه تطوير مشروع مانهاتن الخاص بالأسلحة النووية، الذي جعل من الممكن صنع القنبلتين اللتين القيتا على هيروشيما وناغازاكي، بعد رسالة كان وجهها في 11 أكتوبر 1939 إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، أوصى فيها العالم ببدء البحث في الانشطار النووي لصنع قنابل ذات قوة هائلة قبل أن تنجح بإنتاجها ألمانيا النازية.

استسلمت اليابان بعد خمسة أيام من إسقاط القنبلة الذرية في العام 1945 ، والتي راح ضحيتها نحو 140 ألف شخص بعد القصف على الفور في هيروشيما و74 ألفا في ناغازاكي نتيجة الانفجار والإشعاع. لكن اينشتاين والعالم كله بقي يتساءل : ترى هل استحق تحقيق السلام وإنهاء الحرب العالمية الثانية وانتحار هتلر كل تلك الضحايا؟!

في وقت لاحق أعرب اينشتاين عن أسفه الشديد: «لقد ارتكبت خطأ كبيرا في حياتي ، لو كنت أعرف أن الألمان لن ينجحوا في صنع قنبلة ذرية، لما شاركت في فتح صندوق الأسرار».

مناسبة الحديث عن اينشتاين ودوره في إنتاج القنبلة ومن ثم ندمه ودعوته الخالصة للسلام ، ما أثير أخيرا في فيلم وثائقي بعنوان « اينشتاين والقنبلة» ناقش الأمر و تطرق للقاء اينشتاين مع العالم أوبنهاور المسؤول المباشر عن إنتاج القنبلة النووية الذي ندم هو الأخر ، وسبق أن وثقت سيرة حياته وعمله في إنتاج القنبلة في فيلم وثائقي ضخم آخر، حمل عنوانا بأسمه .

ويعرض « اينشتاين والقنبلة « حياة اينشتاين وسياسته ومعضلته الأخلاقية التي بقيت تقض مضجعه حتى وفاته .

ولست ادري ان كانت هذه المعضلة الاخلاقية تقض اليوم مضاجع سياسيي الصدفة من النواب وغيرهم، الذين يصرون على تمرير التعديلات على قانون الاحوال المدنية رقم 88 لسنة 1959؟!  فهذه لا تختلف عن تفجير القنبلة النووية في تأثيرها التدميري المباشر على المجتمع العراقي. أفلا تقف في عيونهم قضية تزويج البنات القصر بعمر 9 سنوات؟! وهل سيبلعونها ويتحملونها لو انها مست بناتهم وأخواتهم أو حفيداتهم؟!

كيف يمكن لزوجاتهم ان ينصرفن للنوم بأمان، وهن مهددات بقطع نفقة أطفالهن في حالة عدم تلبية رغبات أزواجهن الجنسية «والتمتع بهن»؟! أي عصر جواري يراد لنا ان نعيش في القرن الواحد والعشرين، بسبب هؤلاء الساسة الذين لا همّ لهم ، بعد أن نهبوا البلاد والعباد ، إلا إشباع رغباتهم المادية والجنسية؟! هل سيفكرون ولو للحظة بالمعضلة الأخلاقية التي ستواجههم عاجلا أم آجلا؟!

عرض مقالات: