اخر الاخبار

تبقى الذاكرة غنية بالدور الذي لعبته المرأة العراقية إلى جانب الرجل في النشاط الثوري المطالب باستقلال العراق والرافض للاحتلال البريطاني. وكان هذا الدور بارزاً في ثورة العشرين، فتميز برفع حماسة الرجال للدفاع عن الوطن. كما ساهمت المرأة، وبموقف شجاع في النضال ضد المعاهدات العراقية البريطانية، وفي دعم حرکة مايس 1941 ووثبة كانون لإسقاط معاهدة “بورتسموث” الإسترقاقية في العام 1948. وأشتد نضالها للتنديد بالاحتلال والمطالبة بالاستقلال وفي المشاركة بانتفاضة تشرين الثاني 1952، بالإضافة إلى معارضتها لاشتراك العراق في حلف بغداد.

وأسهمت المرأة بشكل كبير وفاعل في ثورة 14 تموز عام 1958 المجيدة، التي تعّد بحق نقطة انطلاقة کبرى للمشارکة السياسية للمرأة. ففي آذار عام 1959 أصدرت الحکومة العراقية قوانين جديدة تهدف لتحقيق تطور سياسي واقتصادي في العراق، ومنح المرأة حقوقها السياسية التي حُرمت منها زمنًا طويلاً. وقد تجسد ذلك عملياً، من بين وقائع أخرى، باستئثار الدكتورة نزيهة الدليمي، التي كانت أول وزيرة في التاريخ الحديث للعراق والمنطقة، وبسن قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959.

ويعّد جميع المنصفين هذا القانون خطوةً متقدمة ومكسباً حقيقياً للنساء. وتبقى الذاكرة العراقية، وخصوصا القانونية والسياسية، تشهد على ما جرى من نقاش واسع وجدال حاد حول بعض الإشكاليات، وهو أمر لايزال مستمراً حتى الآن، حيث يثير بعض المعادين لحقوق النساء تلك القضايا بين الحين والآخر، كما يحصل مع المادة 57 وحضانة الاطفال، علماً أن قانون رقم 188 تعامل بعدالة مع العراق كدولة وليس مجموعة طوائف، وكحكومة واحدة وليس مجموعة مذاهب، فيما يريد البعض اليوم جعل حياة العائلة وحقوق الفرد غير مستقرة ولا مضمونة، عبر تعدد مصادر القضاء واختلاف الأحكام.

لقد ظلّت قضية حقوق المرأة والموقف من القانون رقم 188 لعام 1959 نقطة خلاف جوهرية وإشكالية تكاد تكون مستعصية بين الفعاليات والأنشطة السياسية والثقافية منذ ذلك الوقت وحتى اليوم. وتعد حقوق المرأة حقلا شائكا للاشتباك، فالعراق شأنه شأن دول العالم يحاول تطبيق حقــوق الانسان في جميع النصوص القانونية، إلا أن حقوق المرأة وكرامتها تنتهك وتصادر وتستغل، بل ان العراق يتصدر قائمة الدول التي تشهد انتهـاكات خطيرة لحقوق الإنسان والمرأة مع غياب لتشريعات الحماية والوقاية من العنف.

وعلى الرغم من التنظيم الدقيق لحقوق المرأة في الوثائق الدولية ومنظومة القوانين الوطنية، إلاّ أن هنالك الكثير من الدلائل الواضحة على انتهاكها المستمر والمخالف لمبادئ حقوق الانسان رغم تطبيق مبادئ الديمقراطية في القواعد الدستورية التي تعطي المجال المناسب للمرأة في المجتمع، كما في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، الذي يتضمن موادا تشكل تمييزاً بحق المرأة فرضته الحكومات المتعاقبة، فيما تبقى الفجوة واضحة بين بعض النصوص القانونية والممارسة الحقيقية.

عرض مقالات: