اخر الاخبار

 هل تساءل أحد من المسؤولين والسياسيين مع نفسه يوماً : لماذا لم تنقطع التظاهرات والاحتجاجات منذ سنوات وحتى هذه اللحظة ؟!

ومن يتأمّل في السنوات المنصرمة والأيام الحاليّة باحثاً عن السبب ، بالتأكيد سيجد أن هناك أسباباً كثيرة تخبو وتظهر غيرها ، اذا لم نقل أنها مزمنة لم يعثر على أي حلّ لها ولا بارقة أمل في معالجتها ، بسبب  التخبّط والعشوائية في اتخاذ القرارات، وقبل كل شيء بسبب المحاصصة التي شرعنت الفساد وفتحت الأبواب على مصاريعها للنهب والخراب والبطالة والمحسوبية وانتشار المخدّرات، التي ستودي بالبلاد الى نفق داكن الظلمة والى ضياع الشباب.

كل عام يتخرّج الآلاف من أبنائنا الطلبة من الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية ، اضافة لمَنْ هم بلا عمل أصلاً من العاطلين الذين لم يكملوا تعليمهم ، ولا ننسى اصحاب الشهادات العليا الذين أفنوا العمر في البحث والدراسة كذلك.

هؤلاء وغيرهم بحاجة الى تعيين في دوائر الدولة أو ايجاد حل لما يعانون من شظف العيش والبطالة والتسكّع التي ستودي ببعضهم الى الانحراف والانجرار وراء أمور لا تحمد عقباها. ولكن اذا لم يجدوا آذاناً صاغية وضمائر صاحية تأخذ بأيديهم الى الطريق السليم وتجعلهم فاعلين في المجتمع من خلال ايجاد فرص عمل لهم ، ودراسة آلية تعيينهم ليكونوا بناة مستقبل البلاد، فسيضيعون حتماً أو يبحثون عن كوة أمل في حل من خلال طرح مطاليبهم وشكواهم بالتظاهرات والاحتجاجات، التي تصل في بعض الاحيان الى المصادمات مع القوات الأمنية، حين تقابل تظاهراتهم بالعنف وكأنهم مجرمون مخرّبون للأسف ، حيث ينظر لهم المسؤول بعنجهية ولا مبالاة، ما يجعلهم عرضة للضرب والمطاردة وما يتمخّض عنهما من أمور مؤسفة حقاً !!

هؤلاء ابناؤنا ومستقبل وطننا ، علينا أن نقف متأملين حياتهم منذ أن دخلوا المدرسة الابتدائية وصولاً الى التخرّج الجامعي ، وندرس طموحاتهم وما هو مترتّب وواجب علينا تجاههم، ولاعطائهم الفرصة ليبنوا حياتهم ويكونوا رجالا فاعلين في هذا  البلد. وعلينا ألا ننسى أبداً أن البلدان تُبنى بعقول وسواعد أبنائها، فاذا ضاع هؤلاء الابناء ضاع البلد حتماً.

لهذا يجب أن تكون هناك حلول حقيقية ناجعة ومدروسة بشكل واعٍ، لمعالجة مشاكلهم المزمنة والمتزايدة يوماً بعد آخر، وانهاء معاناتهم وقلقهم ازاء حاضر بائس وخوفهم من مستقبل مجهول، وبالتالي استمرار تظاهراتهم ومطالباتهم .

وعلينا أيضا أن نجد حلاً لأزمات البطالة ومشاكل السكن والكهرباء والماء والسلاح المنفلت وتردي الخدمات في شتى مجالاتها، وتفشّي المخدّرات وانتشار المحتوى الهابط من الفاشنستات والبولوكرات، وما شابهها من أمور تعكس بؤس ما نعيش فيه من خراب وضياع .

التظاهرات والاحتجاجات لم ولن تنتهي ما بقي الحال على ما هو عليه ، بل ستزداد وتتفاقم وبالتالي نقف عاجزين أمام الغضب الجماهيري.

ومن الممكن تماما أن تُرتكب حماقة استخدام السلاح واسقاط ضحايا، كما حدث في انتفاضة تشرين وما تلاها من جرائم بحقِّ الشباب، المطالبين بأبسط حقوقهم في وطن ولدوا حالمين بالعيش سعداء فيه.

عرض مقالات: