يوم ١٥ أيار من كل عام يثير المزيد والمزيد من السخط والحنق والاشمئزاز لما لحق ويلحق بالشعب الفلسطيني الذي ارتكبت بحقه خطيئة تاريخية كبرى ، أطرافها ما زالت تعمق تداعياتها وتثخن من جراح هذا الشعب المكافح والصامد .
جهات عدة ساهمت في عدم نيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة والعادلة، ولعل وعد بلفورالذي اغدقته بريطانيا ، دولة الانتداب آنذاك التي تخلت عن مهامها واعطت ما لاتملك، كان نقطة البدء والشروع في وقوع النكبة. فيما ارتكب الحكام العرب خطايا لا تغتفر وتبين بجلاء ان ما يهمهم هو الحفاظ على عروشهم وسلطانهم، فيما شعب فلسطين وعموم الشعوب العربية يدفعون ثمن تلك المواقف المتخاذلة، والمتماهية مع ما تريده وتخطط له دول الاستعمار والاستكبار، خصوصا أمريكا وبريطانيا ، اللتان ما انفكتا تدعمان بكل الوسائل والطرق الدنيئة الدولة المسخ التي ولدت من رحم وعد بلفور .
واليوم كما بالامس يصدع الحكام رؤوس المواطنين في البلدان العربية والإسلامية بالحديث عن فلسطين ودعم شعبها ، في مواقف مرائية لم ترتق في أي مكان الى مستوى الدعم الفعلي والحقيقي. والانكى انه في هذه الأيام التي يرتكب فيها الصهاينة جرائم بشعة ويواصلون حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري وسياسة الأرض المحروقة في قطاع غزة وضد عموم شعب فلسطين ، يواصل حكام دول عربية عدة سياسة الانفتاح والتطبيع مع دولة الاحتلال. لا بل لم تبادر اية سلطة في دول الانبطاح والتطبيع الى قطع علاقاتها او على الأقل تعليقها مع دولة الاجرام والتقتيل، احتراما للشهداء الذين يتساقطون كل يوم بل كل ساعة ودقيقة وبينهم الأطفال والنساء، على العكس هم يمعنون في ملاحقة الداعمين والمتضامنين الحقيقيين مع نضال الشعب الفلسطيني.
ومن غرائب الأمور ان نجد هذا التضامن والدعم والاسناد في دول أخرى، ومن طرف شعوب وطلبة أمريكا واوربا وغيرهما، فيما الويل والثبور لمن يتجاوز ما رسمه الحكام والمتنفذون في بلداننا. وليست مستغربة هذه المواقف على الاطلاق، فمن يضطهد شعبه ويحرمه من حقوقه لا يُتوقع منه ان يقدم دعما ملموسا ويمتلك إرادة سياسية تنتصر لحقوق الشعوب الأخرى.
ولا غرابة أيضا، فقد حصل هذا سابقا. ففيما كان الحديث صاخبا أيام النكبة عن تجييش الجيوش لنصرة فلسطين وتحريرها من النهر الى البحر، كان الحكام يقيمون المجازر ويعلنون الاحكام العرفية وينصبون المشانق ويفتحون المعتقلات والسجون للشيوعيين والوطنيين. ألم تفعل ذلك سلطات العهد الملكي في بلادنا التي يتباكى البعض على ايامها؟ وكما هو معروف هي من حلّ عصبة مكافحة الصهيونية ولاحق مؤسسيها واوقف جريدتها “العصبة”، الصوت المدوي لكشف حقيقة الصهيونية ومشاريعها الاجرامية.
ونقول اليوم باطمئنان وثقة ان من حق الشيوعيين والتقدميين والوطنيين الحقيقيين، ان يفتخروا بمواقفهم إزاء القضية الفلسطينية، فقد زكتها الحياة وهم ظلوا ثابتين على دعمهم للشعب الفلسطيني. واليوم فقط يعترف البعض ويقولون: ياليتنا شاركنا الشيوعيين موقفهم ووافقنا واقمنا دولة فلسطين وفقا لقرارات الأمم المتحدة.
لقد ارتُكبت أخطاء وخطايا بحق الشعب الفلسطيني، حرمته من إقامة دولته الوطنية المستقلة ذات السيادة على ارضه، فمن ينصف هذا الشعب؟
ونقول إزاء المجازر التي ترتكب بحقه اليوم انه يتوجب على الشعوب العربية وقواها الحية والوطنية الفاعلة، مواصلة الدعم لصمود شعب فلسطين الذي اصبح ملحا ان يوحد قواه ومواقفه لدحر مشاريع الصهاينة، ولجم شهيتها المفتوحة على القتل والعدوان ، وان يتم توسيع دائرة التضامن والدعم الدوليين، وعدم انتظار شيء جدي يأتي من الحكام ، لا من مؤتمر المنامة ولا من غيره .
ويبقى اليقين راسخا بان إرادة الشعب الفلسطيني ستنتصر، مهما طال الزمن .