اخر الاخبار

هزت أركان حينا الشعبي الهادئ هذا الأسبوع وقائع جريمة مروعة، تمثلت باختطاف صبية لم يزد عمرها عن خمسة عشر عاما من ذوي الاحتياجات الخاصة، تنتمي لعائلة بسيطة يكدح فيها أب معوق أيضا بكسب قوته من تصليح الأدوات الكهربائية.

بيَّنت كاميرات التصوير كيفية الاختطاف مساءً في الشارع القريب من بيتنا، من قبل صبية يستقلون عربة «تكتك». وضعوا على عنقها سكينا وأجبروها على الركوب معهم .. لم توضح الكاميرا ملامح المختطفين بالضبط وأظهرت الصبيّة التي كانت ترتدي ملابس طويلة تشبه « إيزار الصلاة»...

مرت أربعة أيام عصيبة قبل ان يُعثر على الصبية مرمية على مزبلة عند طرف الشارع الرئيس. لم تكن فاقدة الحياة وإنما مُدماة ضربت بمشارط وسكاكين، وربما بالصدفة أو لذكائها، كانت تحفظ رقم هاتف والدها، استعانت بأحد المارة واتصل به.

هرع الوالد اليها رفقة شباب الحي، حملوها للمستشفى وهي تنازع آخر أنفاسها.. تبيَّن بعد إنقاذها إنها أُخفيت في مبنى مستشفى قريب مهجور، لم يكتمل بناؤه منذ التسعينات، وقد أصبح وكرا لتعاطي المخدرات والموبقات، هناك حيث تم اغتصابها وتعذيبها بوحشية.

تخيلوا بدلا من معالجة الناس في ذلك المستشفى الحكومي المزعوم، صار وكرا للجريمة، فأي وضع مأساوي نعيش؟!

بتعاون الشرطة وهمّة شباب الحي ألقي القبض على واحد من أفراد عصابة الخطف تلك، ومازال البحث متواصلا عن الآخرين.

وخلت شوارعنا من ضجيج الأطفال، رغم تمتعهم بالعطلة الصيفية، منعوا من اللعب فيها خوفا عليهم، ولم تجرؤ بعد أية فتاة على التمشي بمفردها ولا حتى التسوق من المحال القريبة.

هذه الحادثة صورة لما تعيشه المرأة العراقية من حالات التعرض للعنف والابتزاز، فالنساء قاصرات عن المواجهة ، مهمشات، مع غياب تمكينهن الاقتصادي ، فضلا عن غياب الملاذات الآمنة لهن عند تعرضهن للعنف ، بسبب الغياب التام لسلطة القانون، والتعمد المقصود في المناورة والتسويف وتأجيل تشريع قانون الحماية من العنف الأسري في البرلمان، بل والسعي لإبطال المكتسبات القانونية لقانون الأحوال الشخصية رقم 188لعام 1959 ، فضلا عن سعي بعض الأحزاب المتنفذة للالتفاف على نصوصه و»تعديلها».

لكن رغم كل هذا التعسف تبقى المرأة العراقية باسلة في مواجهة العقبات، ومثلما قالت السيدة شميران أوديشو بكلمتها في افتتاح مؤتمر رابطة المرأة العراقية – فرع بريطانيا المقام أخيرا في مدينة السليمانية تحت شعار (المرأة العراقية بين العنف والتحديات القانونية): «نحن القادرات على بناء مستقبل أفضل وأجمل» .

وبالفعل تقف المرأة العراقية مقدامة في صراعها مع شتى المعوقات، ولا أدل من صمودها في تجاوز أزمات الحروب والحملات القمعية، والتصدي للطغمة الحاكمة المبادة عبر كفاحها المسلح في جبال كردستان وفي نضالها ضد كل أشكال التعسف والقمع ، ساعية لنشر قيم العدالة والسلام من أجل مستقبل عراقي مضيء.

عرض مقالات: