اخر الاخبار

العنف ضد المرأة جزء لا يتجزأ من ملف العنف العام، رغم خصوصيته. فتكلفة العنف ضد المرأة، لا تقع على المرأة الضحية فحسب، إنما تقع بالمثل على المجتمع بأسره، الذي يصادر حقوق النساء، فيتعرض في الوقت نفسه للتآكل من الداخل عندما يقوم على بنية أخلاقية وثقافية واجتماعية مشوهة، تسمح بممارسة التمييز والاقصاء والعنف ضد نصف القوة الإنسانية المشكِّلة والمكوِّنة لهذا المجتمع.

تشير الإحصائيات الى أن 71 بالمائة من ضحايا الاتجار بالبشر هم من النساء والفتيات، وان 3 من اصل 4 فتيات ونساء هن ضحايا للعنف الجنسي. وبديهي أن يكون العنف في المنزل ومن قبل المحارم أشد قسوة، حين تكون الفتاة أو المرأة ضحية الاب او الاخ او الخال او العم وحتى الجد أحياناً، وحيث يكون الحديث عن هذا النوع من العنف مخاطرة بالنسبة للكثير من العاملات في الشأن النسوي، رغم أهميته، لان الصمت يتسبب باتساع هذا العنف وانتشاره اكثر، وأن لم تتوفر احصائيات وطنية عن هذا الملف الشائك والحساس بسبب غياب الشفافية.

اتذكر أنني سمعت أول مرة عن حالة ضحية لزنا المحارم في عام 2009، ورغم أنني لا أعرف مصيرها وكيف تم التعامل مع الجريمة، فقد عرفت أن لها اسبابا كثيرة، منها استمرار الحروب والأزمات الاقتصادية بشكل خاص، وضعف المنظومة القانونية مقابل هيمنة الأعراف والعادات والتقاليد. وكل هذه عوامل تدفع إلى سلوك عدواني خصوصا مع الاقربين، وتؤدي لوقوع مثل هذه الجرائم المسكوت عنها، والتي تزداد في العراق بصور واشكال مؤلمة، تستوجب دراسات حقيقية ومعالجات جذرية من قبل الجهات المعنية بشكل مباشر.

وهنا يبرز تساؤل آخر عن ماذا تفعل لجنة المرأة والطفولة البرلمانية تجاه هذه القضية؟ وهل تم أدراجها ضمن أولويات برنامج عمل اللجنة؟ كيف يمكن للأب أو الأخ ان يغتصب محارمه؟ والى من تلجأ الضحايا؟ ولماذا يجب أن تحمي المرأة وحدها شرف العائلة ولا يتحمل ذلك الرجل؟ ومن هي الجهات التي بأمكانها التصدي لأيقاف هذه الظاهرة القاتلة والمشوهة بنفس الوقت؟!

نحن نواجه جائحة خطيرة يجب الاعتراف بوجودها، ونعيش بيئة هشة هي بحاجة الى الآف العيادات النفسية المتنقلة، نظراً لآثار زنا المحارم النفسية والجسدية. كما نحتاج إلى قوانين صارمة واجراءات جريئة، فضلًا عن برامج توعية مكثفة ومختلفة. ولابد ان يلعب الآعلام دوراً مؤثراً. كما نحتاج الى منابر دينية معتدلة وموجهة توجيهاً صحيحاً، ونشر واسع لثقافة الابلاغ وخلق قناعات كبيرة بأهمية الملاذات الآمنة (دور الحماية)  بدلا من التشرد أو دخول بيوت الاتجار بالبشر.

ومن المهم ان تبدأ من المنزل عملية بناء مجتمع أفضل.

عرض مقالات: