اخر الاخبار

أم إيهاب الوزني (سميرة الوزني)، بعباءتها العراقية التقليدية ووجهها الموجوع وقلبها المكلوم وكلماتها النارية القليلة المنحوتة من صخر الإرادة الوطنية المبصرة والوعي الراسخ بالحق الفردي والجماعي، إنما اختزلت –برمزيتها الشاملة هذه- حِراكاً مجتمعياً كاملاً على مدى عقدين سياسيين مريرين، في الانتقال من ثقافة اليأس إلى ثقافة المساءلة، ومن قدرية التسليم الغيبي إلى إرادة الاحتجاج الباحث عن وطنٍ تُسترجعُ وتُصان فيه الحقوق.

أم إيهاب بفعلها البطولي العفوي، عرّتِ القاتلَ والمتخاذل والمتواطيء والمتستر، أمام الدنيا كلها، دونما تلعثم أو كلل أو تردد. أم إيهاب هي القضاء الشعبي المتطهّر من رذائل السلطة، وهي صوت العدالة “المطلقة” التي تسعى أن لا يفلت أحد من عقابها ولو بعد حين، وهي الإنسان الكوني الفاضل صارخاً وسط المدن الآثمة.

أم إيهاب أثبتت من جديد أن آلام القهر الاجتماعي لا تضيع سدى، بل تتراكم وتتناسل ثم تتبرعم وعياً صادماً مفاجئاً يعبّر عنه أبطال اجتماعيون مغمورون، يختزلون بمآثرهم العفوية كل الشجاعة والإقدام والبسالة التي يحتاجها مجتمعهم ليفكك وعيَه الزائف وينهض.

سميرة الوزني لا تملك إلا أن تكمل رسالة إيهاب المولود منها. ولذا، خرجت تلقائياً من عباءة الصمت الطويل، ونصبت خيمتها الأبدية الناطقة أمام متاريس السلطة وكواتمها ومشانقها الخائرة. سيبقى هذا المشهد ماثلاً لزمن طويل: إمرأة مفجوعة متلفعة بعباءة سوداء، تحاكم بأعلى صوتها الواثقِ منظومةَ القتل والفساد والرثاثة.

أم إيهاب – بوصفها فعلاً بطولياً اجتماعياً- لن تتوقف عند إيهاب، بل ستستنطق وستلهمُ كل أمهات الضحايا المغدورين، ليبدأ عصر المساءلة، اليوم أو غداً..!

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

من صفحة الكاتب على “فيسبوك”

عرض مقالات: