بات مهماً ومُلحاً أن تعترف الناشطات النسويات في العراق بأولوية وأهمية النضال في العمل السياسي على مستوى الافراد والمجموعات. وهذا يتطلب درجة عالية من الالتزام والاستعداد لتبوء المسؤولية وتوظيف ما يتم تكريسه ضد المرأة بطريقة بناءة، كوسيلة لتعزيز وأثراء فهمنا عبر الحوار. علما أننا كنساء لسنا في حالة عداء مع المجتمع أو بالضد من الرجل، وقد حان الوقت للتوجه المباشر نحو المجتمع بمفاصله المختلفة بدلا من محاولة التأثير عليه عبر قنوات التواصل الرسمية.
للأسف ما زال الصراع داخل الحركة النسوية وبين النساء انفسهن لأسباب سياسية وطبقية واجتماعية، هذه اللوحة تجعلنا احياناً نشعر باليأس من إمكانية أن نعيش ونعمل معاً في مساحات اجتماعية غير ملوثة بسياسات الهيمنة. وبما أن طاقتنا وأمالنا معرضة للأنتهاكات والمنع والاقصاء، علينا تحديد أولويات عملنا بدءاُ بالنضال السياسي لتعزيز تضامننا وبناء قوتنا ومضاعفة جهودنا لمواجهة الاضطهاد والصراعات التي سببتها السياسات الخاطئة ، لخلق وعي وقناعة مجتمعية داعمة للمرأة.
هناك حاجة الى حركة جماهيرية تصنع التغيير الاجتماعي، وتواجه أنظمة الهيمنة التي يتشابك فيها التمييز والعنصرية والقمع. والمطلوب هو تكتيكات مدروسة تعمل بها النسويات الملتزمات بالتغيير، لمعالجة مشاكل كثيرة لا تعترض النساء فقط، بل تعترض طريق كافة مناصري الديمقراطية والعدالة.
لابد من رفع روح العزيمة والرغبة بالتضامن لتعزيز القدرةَ على مقاومة العنف وازالة الحواجز التي تعيق عمل المرأة في مجالاتٍ شتى، ما يحتم علينا إعادة النظر بالأسلوب، وتغيير طريقة التعامل والبحث عن حلول جدية للخروج من المأزق الاجتماعي الحالي. وتحتاج الحركات النسوية الى وقفة حقيقية مع ذاتها على صعيدين رئيسيين: الاول يتمثل بالتنظيم الداخلي والعمل على أسس تختلف عن الأسس التقليدية، ويتركز الثاني على دعم الصورة الخارجية للحركة ومحاولة تصحيح المفاهيم الخاطئة، وايجاد قنوات للتواصل مع شرائح المجتمع الأخرى والتقرب منها والتعمق، وصولاً الى شرائح بعيدة عن المنصات الإعلامية. وذلك لا يتحقق إلا بالعمل المنظم وفي الميدان وبين الناس وعلى جوهر الحقوق والحريات.
يبقى تنظيم وبناء تحالفات داخلية وخارجية وتعزيز التضامن بين النسويات والمناصرين لقضاياهن أمراً بالغ الأهمية لمقاومة الاستغلال. هذه الجهود ضرورية لمواجهة تدخلات المعارضين، التي تعيق السعي نحو العدالة الاجتماعية. وإن التعاون بين النسويات والمؤسسات التقدمية يسمح بتطوير استراتيجيات وأفعال عابرة للحدود، تهدف إلى طرح هيكليات اجتماعية واقتصادية بديلة أكثر إنصافاً للمرأة.