اضطررت إلى مرافقة شقيقي في رحلته المكّوكية إلى إحدى الدوائر المرورية في بغداد، لنقل ملكية سياراته الجديدة. وكما تجري عليه العادة في مثل هذه المراجعات، لا بد أن يكون الروتين سيد الموقف، بينما طوابير المراجعين تتجاوز مرمى البصر!
قبل أن ندخل إلى الدائرة، توجهنا إلى مكتب أهلي لإجراء مكاتبة شراء السيارة بين البائع والمشتري (شقيقي)، وهنا دفعنا مبلغ 50 ألف دينار لصاحب المكتب. أما في الدائرة، فكنا نتصور اننا سندفع رسوما بسيطة لقاء تحويل ملكية السيارة بالصيغة الرسمية، لكن الأمر لم يكن كذلك أبدا! فأول شبّاك توجهنا إليه طلب منا مبلغ 30 ألف دينار، دون أن يزودنا بتفاصيل واضحة حول عائدية هذا الرسم!
بعدها طُلب منا التوجه إلى شباك آخر، وهذا طالبنا أيضا بدفع رسم قيمته 35 ألف دينار، واستمر تجوالنا على الشبابيك، وفي النهاية أحصينا ما دفعناه من رسوم إلى مديرية المرور، فتبين أن المبلغ تجاوز الـ105 آلاف دينار!
قد نكون انزعجنا من دفع هذه المبالغ، لكن فرحتنا بالسيارة الجديدة خففت عنّا شيئا من هذا الانزعاج!
أما المفاجأة فكانت في نظام الهزة المرورية، الذي يجب أن تخضع له جميع المركبات في حال تحويل ملكيتها. فهذا النظام تراه مديرية المرور ضروريا للتأكد من متانة المركبة وسلامتها ومدى مطابقتها الشروط البيئية، وهو بالفعل ضروري، لا خلاف على ذلك، لكن الذي شاهدناه كان مخالفا للعقل والمنطق. إذ ان طريقة فحص المركبات بجهاز الهزة كانت سطحية روتينية. فهناك سيارات متهالكة لم تُفحص بشكل كامل، خوفا من تفككها بعد هزّها بالجهاز.. يا لها من مفارقة!
أما سيارتنا، ونظرا لكثرة أعداد المراجعين المنتظرين هزّ سياراتهم، فقد استثنيت من الهزّة. فما أن دفعنا رسمها البالغ 35 ألف دينار، حتى قال لنا الضابط المعني: “مو دفعتوا الرسم، شتنتظرون بعد، اشلعوا”!