اخر الاخبار

في عنفوان الشباب ، حين كنت في أولى مراحل الجامعة، حلت الذكرى الأربعون لميلاد حزبنا الشيوعي. حينها كنت أسكن في حي الكرادة الشرقية في منزل فخم “برجوازي” لا يتناسب كثيرا مع أفكار حزب العمال والفلاحين. وكنت انتمي لعائلة جميع إفرادها انضموا للحزب الشيوعي ونالوا نصيبهم من السجون والتعذيب في الحملة ضد الشيوعيين في العام 1963، و لم يعاودوا التواصل مع الحزب باستثناء فرد واحد منهم، مع ذلك لم يرفض الأهل إقامة حفل كبير في بيتنا بهذه المناسبة..

توافد العشرات من رفاقنا من طلبة كلية الآداب وأكاديمية الفنون وبعض الكليات الأخرى، حتى غصَّت بهم غرف البيت.. وكانت أجمل مفاجأة حملها الجميع أنشودة فرح بالمناسبة غنيناها كلنا بصوت شجي وبروح مرحة فرحة منشدين:

 ويه ياحزبي أربعينك جانا/ وعيَّدت حتى الطيور ويانا / جبت لأولاد الفلح ثوب وفرح/ وخبز للجوعان وللجوعانه/ ويه ياحزبي أربعين ـ ويه ياحزبي أربعينك جانا/ ويه ياحزبي الشعب غنى النشيد / النشيد/ وطنك حر يايبه وشعبك سعيد / وسعيد وسعيد/ غنى لاجلك للكرامة/ ويلاه/ للسلم رفرف حمامة/ ويلاه/ ويه ياحزبي ياحزبي اربعين/ ويه ياحزبي أربعينك جانا.

تواصلنا مع الحزب بهمة ونشاط مع عدم إغفال دروسنا وحرصنا على التفوق في المجالين، بالنسبة لي وخصوصا في نهاية المرحلة الثالثة من الجامعة وحتى تخرجي، كان يومي زاخرا بالنشاط وبمحبة فائضة للتنظيم، يبدأ من السادسة صباحا حيث التوجه للكلية، ثم حضور أو تولي قيادة الاجتماعات الحزبية للرفيقات، وغالبا ما كانت تعقد في بيوت سرية بعيدة عن رصد زملائنا من طلبة الاتحاد الوطني ممن لم يدخروا جهدا في ملاحقتنا، وبعد الاجتماعات أتوجه في الرابعة مساء إلى عملي في صحيفة طريق الشعب.

في الأشهر الأولى عملت في مطبعة الرواد، وكنت مع رفاقي نتحدى جميعا عيون أفراد الأمن العامة ونحن نمر وسط بيوتهم في منطقة السعدون حيث مقر المطبعة، بل كنا نسخر منهم بترديد المقطع الطريف “ نحن والأمن جيران”.. وبعد تخرجي عملت في قسم التحرير في بناية الجريدة المطلة على نهر دجلة في شارع أبي نؤاس. تطول ساعات العمل في الجريدة أحيانا وخصوصا في قسم المونتاج في المطبعة حتى منتصف الليل ، حينها كان الرفيق عبد الرزاق الصافي يوصلنا أنا و زوجي الشهيد سامي حسن بسيارته إلى منزلنا في الكرادة.

أنشودة الفرح تلك تبخرت مع الهجمة الشرسة على حزبنا في العام 1979، وفقدنا كثيرين رائعين وتفرق رفاقنا في جهات الأرض الأربع.

ومضت السنين وبرز حزبنا بنشاطه من جديد، فأخذنا ننشد هذه المرة بيت شعر شعبي يقول:” مثل الثيِّل عادتك / تنحش ترد ردود”.

تحية لحزبنا المناضل في عيده التسعين، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والعار والشنار للقتلة المجرمين.

عرض مقالات: