الحقيقة من خلال متابعاتي لما ينشر في الصحف من شعر شعبي، اجد هناك شباب حملوا هم الوطن (العراق) في ابداعاتهم الشعرية، ليكون الهم الابرز، وبقي الشعر الشعبي حاملا هموم الجميع والناطق الرسمي عن ذواتهم طوال فترات نضالات الشعب العراقي، ولاشك ان اغلبنا نتذوق الشعر الشعبي، وهذا نابع من مواجعنا والمصائب التي مرت علينا، فكان لهذا اللون من الشعر دور كبير في التعبير عن الهموم وتنمية الوعي الوطني عبر تاريخه الطويل، فهو ترجمة عفوية للشاعر في معاناته اليومية، بل معاناة كل قضايا وطنه بحس هو الأقرب إلي كل مشاعر الناس، ليعانق كل حلم وواقع، اي واقعنا الحالي، ناهيك عن انه يمثل قيمة ثقافية ورسالة تحاول ترسيخ القيم الوطنية الثابتة، عبر لغة عفوية صادقة، كونها نابعة من الذات الحاملة معاناة الاخرين، اي هناك اندماج لذات الشاعر مع الذات الموضوعية، التي تمثل عامة ابناء الوطن بحيث المتلقي يبقى منجذبا لهذه الاشعار، وبالمقابل تكون له حافزا في الاصطفاف مع رؤيتها الجادة في حب الوطن، يقول الشاعر مرتضى الاسدي:

(هذا انه العراقي معاند الموت/ الصدگ بيه ميت هذا مخدوع/ بعدهي حجايتي تغير الموازين/ طغه صوت الرصاص وصوتي مسموع)

فبكل صدق ووضوح انحاز الشاعر للعراق الوطن، وجعل ذاته وروحه في العراق، فصار ذاتاً محترقة من اجل العراق وحده بدليل قوله: (ثائر للوطن مو للملذات)، انه ذاتاً موضوعية للجميع، فهو لن يثور من اجل نفسه، انما ثار للوطن لا للملذات الفردية، والتي سرعان ما تنتهي، فالشاعر يريد وطنا بالكامل، محذراً بقوله: (بعدني بقمة الثورات مرفوع/ تحت ثورة شبابي تخلي خطين)، بمعنى انا صادق في اتجاهاتي الوطنية ومستميت فيها فعليك ايها الاخر المشكك في هذا ان تضع على اتجاهاتي الوطنية خطين وتتريث وتتأنّ، كي تتأكد ويتبين لك الخيط الابيض من الاسود، فالخيط الابيض وطنية الشاعر البائنة الواضحة، وتأكيدا لهذا يضيف الشاعر الاسدي قائلا: (عراقية ثورتي من المعاناة/ ومن دمي الشريف اعلاني مدفوع/ اسكت عالوجع واتغاظه عالضيم/ بس ما اسكت لون الوطن موجوع).. اذن ثيمة الوطن هي الرؤية الشعرية التي يحملها الشاعر الاسدي، ويضيف الشاعر عقيل الندى في قصيدة له اسماها (لوحة الثوار) بقوله:

(وهيه ثورة ولازم نحطلها لون/ ولوحة الثوار لازم بيها دم/ اثبت انته وحيل يتلاوه ويه حيل/ الخيل ينغر من تشد حبل اللجم/ وصير صرخة تزلزل ابيوت الطغاة/ والي عنده اتباع سواهم غنم/ وانته ارفع شانك ابگد العراق/ واكبر ابعين اليذمك بالقمم)

ليثبت نفس الرؤية والارادة المستميتة في الدفاع عن الوطن العراق، بعيدا عن اي فئوية ضيقة، سواء كانت طائفية او قومية، فالشاعر متمسك بالدالة الوطنية، اي انه عراقي مادمت اشرب من ماء دجلة والفرات واتنفس هواء الجنوب الممزوج بهواء الشمال، وتعساً للطغاة، فالشاعر عقيل الندى متأكد ان صرخته تزلزل بيوت الطغاة، كون قيمة الشاعر في رفع قيمة العراق (الوطن)، وهو مستعد ان يلون لوحة الدفاع عن العراق بالدم.

عرض مقالات: