منذ سنوات طويلة بدأ الكثير من الأندية المشاركة في دوريات الوطن وبالأخص بنشاط كرة القدم يمارس سياسة الاحتراف والعقود الكبيرة والمبالغ الطائلة ومع لاعبين أجانب وعرب ووطنيين. وهذه السياسة هي (احتراف مبطن) ومع استمرار السنين بدأت هذه السياسة ظاهرة للعلن ولا مجال لتبطينها، او تغطيتها واخفائها. ومع تزايد أعداد لاعبي كرة القدم المشاركين في الدوري الوطني بدأت المشاكل بالظهور والمخالفات والشكاوى ووصلت بعضها إلى محكمة (كأس) ورافقتها غرامات وعقوبات (قاسية)، ومع هذه العقوبات واصل بعض الأندية (شبه المحترفة) سياسته.. لكن انديتنا استمرت بهذه السياسة وهذا النهج حيث تستلم ميزانياتها من الحكومة وتدفع لمحترفيها مدربين ولاعبين (أجانب) المبالغ المطلوبة (على شكل عقود)، وكذلك أخذ بعض اللاعبين (الوطنيين) بتقليد هؤلاء الأجانب وربما بمبالغ اعلى. ولكن إدارات الأندية وفرق الدوري ظلت متبعة ذات السياسة والتي تعتمد فيها على دعم الأندية والمنح والبيانات التي تقدمها (الدولة). وقد تحملت الدولة أخطاء وسياسات الأندية في التعاقد والصفقات المالية دون تحذير ومحاسبة حيث وجدنا أن بعض اللاعبين والمدربين الأجانب والعرب والعراقيين كانوا دون المستوى الفني وضعيفي القدرات والامكانيات الفنية وتم انهاء عقودهم وتعرضت هذه الفرق للغرامات والعقوبات دون محاسبة المسؤولين عن عقد تلك الصفقات الفاشلة والمخيبة لآمال الجماهير ومشجعي الفرق، ولعل أسباب هذه السياسات غير الواقعية التي مارستها هذه الأندية وهي عديدة منها أن قادة الأندية او بعض أعضاء اداراتها من المشتركين في هذه الصفقات والعقود كانوا على غير دراية او معرفة بها بينما هم مصرون على عقد هذه العقود والزام إدارات الأندية بها (لغاية فينفس يعقوب).

إن ترك هذه السياسة لغير المختصين تؤدي بالضرورة إلى فشل الأندية وخسارتها وتحولها من أندية تحقق الربح إلى اندية خاسرة بسبب إخفاقات اداراتها، وهنا يتطلب من الأندية الداخلة إلى عالم الاحتراف حديثاً ان تختار عناصرها وكوادرها العاملة في مجالات التفاوض واستقطاب المدربين لفرقهم والعابهم ان يكونوا على مستوى المسؤولية وقدر من الخبرة والمعرفة لغرض حسن الاختيار. وهذا الحال لا يشمل فقط لاعبي الفريق ومحترفيه بل يشمل أيضاً مدربي الفرق من حيث مستوياتهم وقابلياتهم وخبراتهم التدريبية والفرق التي سبق وان دربوها واشرفوا عليها. وهذا يتطلب وجود خبرات عالية قادرة على انتقاء المدرب الكفء وطاقمه المنسجم وان تكون فترة عمله لا تقل عن موسم كروي لضمان تقديم المدرب كل خبراته لفريقه. اما ظاهرة التخلي عن المدرب وطاقمه بعد أول خسارة يمنى بها الفريق كما حصل مع الكثيرين مما تسبب في انهيار الفريق وتكريس لخسارات جديدة. وهنا ستؤدي قلة خبرة وضعف لجنة التعاقد مع المدربين إلى فشل متراكم وبالتالي انهيار الفريق، لذا أدعو فرقنا واداراتها ان تتصرف بعقلانية وحكمة وان تختار المدرب اولاً وهو الذي يختار اللاعبين من حيث المستوى ومراكز اللعب والفترات المناسبة لكل لاعب والموقع المناسب، عندها ستكون الاختيارات محصورة بالمدرب دون غيره. وأن اسقاط المدرب وتغييره بسرعة البرق ومع أول او ثاني خسارة لها مردودات سلبية على العملية التدريبية وعلى اللاعبين، وهذا التصرف مع المدربين غير مقبول في عالم الاحتراف، وما دمنا مستجدين على هذا العالم الجديد فعلينا ان نختار بروية وعقلانية بعيداً عن العواطف والصداقات.

وقد يرى البعض ان الدولة مسؤولة عن توفير المنح والدعومات المالية للأندية الرياضية من أجل ان تطبق سياسة الاحتراف، وأنا لا اتفق مع أصحاب هذا الرأي فالدولة معنية برياضة الهواة والرياضة بشكل عام اما في رياضة الاحتراف وحسب الاقتصاد الحر (اقتصاد السوق) فالدولة مسؤولة عن خطوتها الاولى اي في السلف والمنح والمساعدة في بناء المنشآت الرياضية والملاعب والمسابح، أما أن تقدم العطاءات والعقود وهبة المبالغ الكبيرة فهذا ليس من واجبها، والأندية الرياضة خلال استثماراتها ومنشآتها وعملها الرياضي تصبح لها القدرة على سد احتياجاتها وعقودها ولا تستقطع من لقمة العيش لمواطنيها لتسدد للأندية الرياضية المحترفة عقودها ورواتبها وتكاليفها. لهذا أقول لأحبتي قادة الأندية الرياضية (المحترفة) عليكم بان تطلبوا سلفاً وقروضاً طويلة الاجل لتساهموا بخلق اندية مستعدة وقادرة على تسيير نفسها والعابها ونشاطاتها ورياضتها لغرض التقدم ومواكبة أندية العالم المتطور وهنا لا اتفق مع قادة الأندية التي تطالب بميزانيات مليونية لتسيير عملها الرياضي بينما الجماهير والفقراء أحق بهذه الأموال من الأندية الرياضية.. ولنا عودة.

عرض مقالات: