اخر الاخبار

تشير التقديرات  الفنية والهندسية الى احتمالات تعرض نهري دجلة والفرات الى امكانية تعرضهما الى مخاطر الجفاف الكامل بسبب السياسات غير المسئولة التي تقوم بها الدولتان الجارتان تركيا وايران من خلال  حزمة من البرامج لإنشاء سدود على النهرين في عملية تجاهل تام لحاجة العراقي الى الموارد المائية التي تتطلبها الزراعة واهميتها في  تحقيق  الامن الغذائي  واستمرار الاستفادة من الثروة السمكية والتنوع الاحيائي  التي يوفرها النهران وبساتين النخيل التي عرف بها العراق منذ قرون والتي انخفضت الى الثلث بسبب التقلص التدريجي المقصود في حصته المائية  التي نظمتها  المواثيق والبروتوكولات الدولية .

ان البحث عن أية حلول لهذه المشكلة يتطلب  دراسة أسبابها ومسبباتها وتقييم الجهود التي بذلتها الدولة منذ عشرات السنين  على المستويين الداخلي والخارجي ومراجعة السياسات المائية والاروائية خلال تلك الحقبة الزمنية  ، فان الدراسات التي تناولت هذه الإشكالية تشير بلا لبس أن هناك أزمة مياه حقيقية  في العراق  ، حذرت منها مؤخرا لجنة الزراعة والمياه البرلمانية ،  تتمظهر بمستويين الأول المستوى الداخلي وبشكل خاص التغييرات المناخية وانخفاض الإمطار وقلة السدود والخزانات المائية وكثافة النباتات الطفيلية في الجداول ومشاكل في توزيع المياه التي تقلصت عملية الرقابة عليها خصوصا في العقدين الأخيرين من القرن الماضي واستمرارها بعد عام 2003 فضلا عن التخلف الكبير في استخدام طرق الري الحديثة كالري بالتنقيط مثلا  وعلاقة كل تلك العوامل على عملية تنظيم المياه على كامل الرقعة الزراعية  . ولكن المشكلة الأبرز تتمثل في النزاعات التي تنشا بين الدول المتشاطئة وتناقض التفسيرات للقوانين والأعراف الدولية ونوازع الهيمنة التي تحدد مواقف بعض البلدان في ممارسة الضغوط السياسية على بلدان التشارك المائي وهذا ما يحدث بين العراق وتركيا وبينه وبين ايران فان المعطيات المتوافرة تشير الى ان الموارد المائية في نهر دجلة انخفضت من 80 مليار متر مكعب في سبعينات القرن الماضي الى 30 مليار متر مكعب في الوقت الحاضر ومن المتوقع ان تنخفض الى 15 مليار متر مكعب في العقد القادم وان عدد السدود في الدولتين وصل الى 60 سدا كبيرا خلال العقود الاربعة الماضية فضلا عن ان ايران حجبت مياه 35 رافدا من الروافد التي تصب في العراق بالرغم من ان العراق يتعامل مع الدولتين بما يقرب من 40 مليار دولار سنويا   . صحيح إن الحكومات العراقية المتعاقبة خلال الفترة الماضية وما زالت لم تنظر  بعين الجدية إلى حجم المشاريع التي تقوم بها مع الدولتان الجارتان  والتي تؤشر إلى خطورة استكمال هذه المشاريع وتجاوزها على حقوق العراق المائية وفقا للقوانين الدولية ،

لكن  تصريحات الزعماء الأتراك حول حقوق العراق المائية تؤكد تلك المواقف والتي تنظر الى الثروة المائية كمعادل للثروة النفطية وتجسد هذه النظرة في وسائل إعلامها وحتى مسلسلاتها الفنية فما صرح به سليمان ديمريل ومن قبله توركوت اوزال  في افتتاح سد أتاتورك عندما أشار الى إن مياه الفرات ودجلة ومصادرهما هي موارد تركية وأننا نتشارك مع العراق وسوريا بالنفط ولا يحق لهما القول إنهما تشاركاننا مواردنا. ان هذه المشاكل واستمرارها مرشحة لوضع العلاقة مع البلدين التي نطمح تكون الأفضل ، الى أزمة سياسية على المدى المتوسط والبعيد .

كل ذلك يتطلب من الحكومة العراقية اخذ كل هذه المشاكل بعين الاهتمام في خططها واستراتيجياتها بما فيها تحسين إدارة المياه  للاستفادة من الثروة المائية في الداخل ومن خلال تفعيل الانشطة الدبلوماسية بعيدا عن الموسمية  بشان متابعة   الاتفاقيات المبرمة مع الدول المتشاطئة كل من تركيا وسوريا والتوصل مع إيران إلى اتفاقات مماثلة  بما تحمله تلك الاتفاقيات من مبادئ وحقوق قانونية دولية  تبلورت مع الوقت الى قواعد قانونية دولية ساعدت على ضمان حقوق تلك الدول  . والاستفادة من المؤسسات العدلية الدولية ومنها محكمة العدل الدولية في  لاهاي وصولا الى اتفاقات ثنائية ضامنة لحقوقنا المائية .

عرض مقالات: