اخر الاخبار

منذ ان تأسست جامعة بغداد واخواتها في عموم العراق.. كانت هناك حالة من التنسيق والتوافق بين ما تخرّجه تلك الجامعات من كوادر اكاديمية ومهنية، وما تحتاجه مؤسسات الدولة من هذه الكوادر. إذ يتم ذلك وفق شروط وضوابط تتعلق بمعدل الطالب وثقافته العامة وسلوكه وشخصيته وقابلياته الجسدية، وغيرها من المواصفات المطلوبة الأخرى التي يتم التركيز عليها اثناء المقابلة السابقة للتعيين، لضمان توظيف جميع الخريجين في المواقع المناسبة.

إلا انه، ومنذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، بدأت هذه الإجراءات الحضارية بالتراجع شيئاً فشيئاً، نتيجة هيمنة النظام الدكتاتوري على العراق وما سببه من حروب طاحنة وفوضى وشح في الخدمات وقرارات مزاجية، مرورا بالحصار الاقتصادي الجائر، والاحتلال الأمريكي وما أعقبه من سياسات مبنية على المحاصصة الطائفية التي استقطبت مجاميع الطفيليين وقوى الشر والتخلف، لتتكالب على جني الأموال وتستبيح المتاجرة بالعلم والمعرفة. حتى شهد العراق انتشارا واسعا غير مسبوق للمدارس والجامعات الاهلية التي يمنح بعضها شهادات من دون أي استحقاق، إلى كل من هب ودب، لقاء مبالغ مالية.

ولا يفوتنا أن نتحدث عن التدخلات السافرة في شؤون الجامعات الحكومية العريقة من قبل حفنة من المتنفذين الفاسدين، الذين يمنحون امتيازات لطلبة معينين دون أي استحقاق، وغير ذلك من الخروقات التي وصلت الى درجة التصفية الجسدية للمعارضين من الأساتذة والاداريين، ممن يقفون بالضد من تلك التدخلات. 

كل هذه المشكلات والحالات السلبية، أدت الى تكدس الشهادات الجامعية وإلحاق بالغ الضرر بالمستوى الثقافي والعلمي، الأمر الذي تسبب في تبديد آمال شبابنا المتميزين دراسيا، الذين وجدوا أنفسهم في النهاية، اما عاطلين عن العمل او محشورين في دوائر ومؤسسات مترهلة عقيمة، لا تتناسب وإمكاناتهم العلمية.

وإلى جانب ذلك، لا نجد أن هناك حلا لمشكلة تكدس الشهادات وتراجع المستوى الثقافي والمعرفي في البلد، دون توحيد المناهج الدراسية كافة، التي يجب أن يتم وضعها على أيدي أساتذة كفوئين، بما في ذلك الأسئلة الامتحانية التي يفترض أن تخضع إلى نظام الامتحان الوزاري، على أن تكون هناك رقابة مشددة على القاعات الامتحانية ومراكز فحص وتقويم الدفاتر الامتحانية السرية.