اخر الاخبار

هذا عنوان فلم مصري انتج عام ١٩٧٥ وتمت استعارته لا بهدف اسقاط حوادثه على واقعنا الراهن تعسفا، بل  لتبيان مضار “اطلاق الرصاص” عشوائيا وفِي غير محله.

العبرة في الفلم  تقول بضرورة البحث  عن الأسباب الحقيقية، الجوهرية  للأحداث والظواهر، ودراستها لاستخلاص الحلول والبدائل والتوجهات والاليات .

الظواهر لها أسبابها المتنوعة، ومنها الرئيسية، والمتفرعة المتشعبة، ومن الخطأ الجسيم ان يتيه المرء وسطها دون الامساك بالأساسي والأرأس منها. وفي جميع الأحوال من الضار جدا ان تحل هنا الرغبات والانطباعات، محل الواقع المراد تغييره ومدى نضج العوامل الموضوعية والذاتية لهذا التغيير.

والسؤال هنا هو: أي القضايا يتوجب الآن تركيز العمل والنضال عليها دون اهمال غيرها بالطبع، وهذا ما يمكن تسميته ترتيب الأولويات في الظروف الملموسة، وبعكس ذلك يكون فقدان البوصلة والتخبط.

فأين هي الحلقة الأرأس التي يتوجب الإمساك بها ومراكمة القوى عليها لإحداث التغيير المطلوب؟  او أين يتوجب توجيه “الرصاص” وتكثيفه ؟  

 يجري الحديث على نطاق واسع عن أن  أُس الازمة المتراكمة والشاملة التي يعاني منها بلدنا، يكمن في نهج إدارة الدولة وفي بنائها، وفِي منظومة المحاصصة والفساد والقتل المتحكمة بها. وهذه المنظومة لم تعد مجرد افرادا، بل ان مصالح أصحابها تعشقت مع مصالح آخرين في الدولة وفي مركز قرارها وخارجه، وامتد التعشيق حتى الى قوى وفصائل مسلحة على اساس التخادم، لإدامة المصالح والهيمنة والنفوذ والامساك بالقرار بجوانبه المختلفة، خاصة منه السياسي والاقتصادي والأمني.

فعندما تطرح موضوعة التغيير فإنها تمس قطعا تلك المصالح، فيلجأ أصحابها الى كل الوسائل للدفاع عنها. وهذا لا يحدث في بلدنا فقط، بل وفي غيره من البلدان، فالقديم الذي يحتضر لا يسلم أوراقه بسهولة، ولا يستسلم الا مجبرا.

السؤال هنا كيف يتحقق هذا الاجبار؟ طبيعي انه يتوجب عدم استصغار أي فعل نضالي تراكمي يعمل على تقويض سطوة “القديم”، ومن الخطأ القاتل عدم الاهتمام بذلك، لا سيما عندما يؤدي الى  تضييق مجال تحرك “القديم” ومحاصرته. وهذا بالتأكيد لا يتقاطع بل ولا بد ان يتعشق مع “ الهزات “ الكبرى الشعبية للخلاص من القديم المتهرئ الذي يفقد تدريجيا، بفعل النضالات المتراكمة، قدرته على المقاومة. لكن ذلك يبقى مرهونا بتحقيق جملة شروط وعوامل داخلية وخارجية، يتوجب حسابها جيدا من دون الاخلال بالترابط الوثيق بينها جميعا.

في هذا السياق تذكرت، والشعب الفلسطيني يعيش هذه الايام المأساة على أيدي الحكام الصهاينة، عندما كنت في الجامعة ودار نقاش مع رفيق فلسطيني كان متحمسا لإلحاق الهزيمة بالمشروع الإسرائيلي، حتى ولو تم ذلك شبرا شبرا مع وضوح الرؤيا للهدف النهائي.

وتبقى الحاجة قائمة الى مواصلة ومراكمة النجاحات، صغيرها وكبيرها، على مختلف الصعد، ومن دون استصغار حتى الشبر شرط وضوح المسار والرؤيا، وتعشيقهما الجدلي مع الآليات والوسائل !

عرض مقالات: