اخر الاخبار

يعتبر قانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية واحدا من أبرز القوانين الحاكمة التي أوجدتها الحاجة لتنظيم التجارة الداخلية وتخليصها من الفوضى ومحاولات الابتزاز وأساليب الاحتيال وأيضا الحاجة الملحة إلى وجود مصادر تمويل فعالة لتدعيم عملية التنمية الاقتصادية المستدامة وتمويل الموازنات السنوية وتحفيز الانتاج والتخفيف من ظاهرة الاقتصاد الريعي ووحدانية الاقتصاد التي تكرس الاعتماد على مصدر تمويلي وحيد.

ومن الأهمية بمكان النظر إلى الاجراءات الحكومية المقررة لتنفيذ هذا القانون وتفعيل الياته، لما لها من دور ليس فقط في التنفيذ، وإنما أيضا في مواجهة محاولات إعاقة تنفيذه من الشرائح المتضررة كما حصل وعطل خمس مرات في السنوات الخمس الماضية بعد عام 2016، انطلاقا من كون العراق عضوا مراقبا في منظمة التجارة الدولية وطموحه في الوصول  إلى العضوية الكاملة، ومن بين هذه الإجراءات إقرار تطبيقه في كافة المنافذ الحدودية واستحداث نقاط معتمدة تتولى التدقيق والتأكد من استيفاء التعرفة المقررة وفق النسب المنصوص عليها في جداول التعرفة الكمركية والروزنامة الزراعية الملحقة بالقانون، مع استحداث نقاط للتقييس والسيطرة النوعية، وإجراءات وزارة الداخلية بنصب سيطرات قبل المنافذ الحدودية خاصة في المناطق التي تعاني مشاكل وخلافات بغية رصد المخالفات واتخاذ الاجراءات الرادعة ضد محاولات التملص من دفع هذه الرسوم، وتشكيل لجان تنسيق بين وزارة التخطيط ووزارة التجارة  وحكومة الاقليم لمتابعة الالتزام بتطبيق التعرفة المقررة وهو الأمر الذي أوقف الحجة التي تتذرع بها بعض إدارات المحافظات والتجار لاسيما في محافظة البصرة .

إن وجود قانون للتعرفة الكمركية، ليس حالة يتفرد بها العراق، ففي معظم الدول يطبق مثل هذا القانون رغم التفاوت في نسب الرسوم، حسب تصنيفها ولكنها لا تقل عن 20 بالمائة لما فيها من مردودات اقتصادية تتمثل بوجود مصادر تمويلية تدعم عمليات التنمية الاقتصادية، وحماية المنتجات الوطنية، والاحتفاظ بالعملة الصعبة والحفاظ على الاحتياطي النقدي الذي تستنزفه نوافذ بيع العملة الاجنبية، في البنك المركزي، التي شهدت عملية غسيل للأموال وتزوير للمستندات، وبالإضافة إلى هذا وذاك تخليص المجتمع من طابعه الاستهلاكي.

ولا شك ان تطبيق هذا القانون وبالجدية المتوخاة سوف لن يكون سهلا بل سيواجه مقاومة من قبل التجار المنتفعين الذين تعاظمت ارباحهم طيلة الفترة   المنصرمة دون رسوم او ضرائب  ويسعون للحفاظ  على هذا المستوى من الارباح باستخدام كافة الوسائل المتاحة بما فيها الفاسدين في جهاز الدولة البيروقراطي   وخاصة  في النقاط الحدودية والمافيات المتنفذة في كافة المحافظات والتسلل عبر النوافذ الرخوة .وبقدر ما تستطيع المافيات من عرقلة تنفيذ القانون والالتفاف على اجراءاته فان الدولة  بما تمتلك من قوة القانون وأجهزة امنية متخصصة   قادرة على تعطيل عتلات المافيات من خلال :

  • تفعيل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، في الحد من دخول البضائع الرديئة وذات الاستعمال قصير العمر، والبضائع منتهية الصلاحية المضرة بالصحة العامة، التي تفنن ضعاف النفوس من التجار من تزوير تاريخ الاستخدام ومناسئ الصنع.
  • تشديد المراقبة على المنافذ الحدودية عن طريق ادخال الاجهزة المتطورة في كشف حالات التزوير واستخدام الكاميرات الحديثة لمراقبة التجاوزات التي تحصل خارج اماكن الفحص.
  • ابعاد العناصر الفاسدة من الدوائر الكمركية الذين تربعوا على عرشها لفترة طويلة، واختبروا بتجربتهم الخاصة كيف يلتفون على القوانين والتعليمات، وضرورة تدريب العناصر البديلة ومن خلالها بناء الكوادر العاملة على تطبيق التكنولوجية والأساليب الحديثة التي يتطلبها الدقة والحزم في تطبيق القوانين.
  • تفعيل اللجان التنسيقية بين وزارة التخطيط وحكومة الاقليم المكلفة بمتابعة الالتزام بتطبيق القانون، وإتباع ذات التعليمات والسياقات المطبقة في المنافذ الحدودية الاخرى وسريانها اداريا وفنيا وماليا ومعالجة المشاكل التي تعترض التنفيذ ومعالجتها اولا بأول.
عرض مقالات: