اخر الاخبار

في شهر رمضان تكثف  الفضائيات عادة لقاءاتها مع الشخصيات السياسية وممثلي الكتل والأحزاب والناشطين في الحراك والمتخصصين .

وفي هذه اللقاءات تسمع النقد العالي، حتى يتولد الانطباع  ان المسؤولين ليسوا هم المتحدثين ذاتهم او احزابهم وكتلهم، التي إدارت شؤون البلاد  والعباد منذ عام ٢٠٠٥ في الاقل حتى يومنا هذا . 

وتلاحظ خلال ذلك القليل الشحيح من النقد للذات وإلاستعداد  لتحمل المسؤولية، واذا جاء فمغلفا بعبارات وكلام وحوادث تجعله باهتا بلا طعم ولا رائحة: الظروف الصعبة التي مر بها البلد، الإرهاب وداعش، ضآلة التخصيصات والموارد، التركة الثقيلة للنظام المباد، المحتل ودوره ، التدخلات الخارجية .. الخ . وتلك أمور عانى منها البلد حقا، لكن هناك مقابل  كل قول وعبارة حزمة أسئلة مشروعة طويلة وعريضة:  نعم، كان لهذا تاثيره بشكل او بآخر، لكن انتم ماذا كان دوركم؟ ماذا فعلتم؟ وهل خففت افعالكم من وطاة الظروف ام زادت الطين بلة، ودفعتم  الأمور الى ما هو أسوأ بكل المقاييس وفي مختلف المجالات؟   .

وعندما  تستمع الى الحديث الذي يدور حول الفساد، تتخيل ان كل من تولى المسؤولية كان نزيها، يداه نظيفتان وأبعد ما تكون عن التلاعب بالمال العام والتلوث بالسحت الحرام! فاذا كان هؤلاء المتحدثون جميعا يدينون الفساد والفاسدين، فمن ياترى هو الفاسد المسؤول عما حل بالعراق من كوارث؟

المواطن ليس ساذجا بالطبع، وهو يعرف ان الامر ليس كذلك. فالكثير من المتنفذين اكدت تقارير حكومية رسمية غرقهم في رذائل السرقة والتطاول على المال العام وارتكاب جرائم الفساد الإداري والمالي والسياسي .

ويثير البعض من المتحدثين قضايا غريبة وعجيبة. فإن كان له تمثيل في الحكومة والبرلمان، فالامور خير على خير وعال العال. اما اذا كان خارجهما فسرعان ما يبدا  التذمر والتعبير عن السخط  والشكوى من عدم تمثيل هذا المكون او ذاك، فيما هو في الواقع يندب حظه لعدم حصوله على الفرصة!

مسكين هذا المكون ومسكينة تلك الطائفة او القومية، فكم تتم المتاجرة باسمائها!

والامر الآخر هو هذا الخلط العجيب الغريب بين من هيمن على القرار السياسي والاقتصادي والأمني، وبين كتل وأحزاب وشخصيات أخرى حرصت على عدم إهدار قطرة دم عراقية واحدة، وعدم امتداد أيديها الى دينار واحد، بل ولم تكن في موقع المسؤولية أصلا. فمن الظلم ان يوضع الكل في خانة واحدة، واذا كان البعض عاجزا عن  قول الحق وتسمية الأشياء باسمائها، فالافضل له ان يسكت، فالسكوت هنا من ذهب .

ويحدث ايضا في اللقاءات المذكورة ان يصب البعض، من دون مبرر او سند، جام غضبه على أحزاب وتيارات معينة، ويحذر من الاقتراب من أخرى، فتغيب الحقيقة ويضيع التقييم الموضوعي .

والانكى ان تجد من يتغزل بانتفاضة تشرين، وهو الذي ناصبها العداء وقتل شبابها. فهو كمن يدعي وصلا بليلى، وهي ترفضه وتلفظه. 

ان من شأن استمرار هذه الازدواجية في الحديث والتقييم، وهذا التهرب من المسؤولية ومن الاستعداد للمراجعة والتخلي عن النهج الخاطيء والسلوك الضار،  ان يؤديا الى تضبيب المواقف والتستر على النواقص والعورات الجدية.

الا انه وفي كل الاحوال، يبقى ناصعا ما قيل منذ القِدم من ان “شعاع الشمس لا يحجبه غربال”.  

عرض مقالات: