اخر الاخبار

نفتقد للثقافة الكافية بما يتعلق بأمور كثيرة تخص تاريخ وادي الرافدين رغم توفر العديد من الكتب والأبحاث ، لكنها بقيت للأسف رهينة المكتبات ومراكز البحوث بعيدا عن أيدي العامة، ولعل السبب يرجع لعوامل عديدة بينها ضعف تناول تاريخنا القديم في مناهجنا الدراسية ، وتقصير إعلامنا في تسليط الضوء الكافي عليها فضلا عن ضعف الجانب السياحي عندنا وعدم ترويجه بدرجة كافية لزيارة المتاحف والتزود بمعلومات كافية عنها.

وأخيرا بادرت الجمعية العراقية لدعم الثقافة بالتعاون من اتحاد كتاب وأدباء العراق لاستضافة الدكتورة رويدة فيصل النواب في محاضرة حول الأصول التاريخية لفن العمارة العراقية القديمة خلال عصر فجر السلالات والعصر الأكدي وعصر سلالة أور الثالثة، والتي سبق أن تناولته في كتاب حمل العنوان نفسه صدر عن دار الشؤون الثقافية في بغداد.

تناولت المحاضرة جوانب تفصيلية عن تاريخ العمارة في العراق القديم ومدى تأثيره في بناء مختلف الطرز المعمارية الحديثة في العالم أجمع ، فضلا عن تأثر العمارة بالنظم الاجتماعية والسياسية والثقافية وتكييفه بحسب متطلباتها ، فنشأت العمارة المدنية والدينية والعسكرية . كما كشفت الباحثة أمرا مهما يتعلق بموضوع فصل الدين عن الدولة منذ عهد جدَّنا سرجون الأكدي الذي حجم دور الكهنة وسدنتها في قيادة المجتمع  مركزا على بناء الدولة وقوانينها المدنية.

وفي تفصيلات طرز البناء تحدثت الباحثة عن تصاميم بناء مازالت تستخدم حتى يومنا هذا، مثل الحجرات التي تقام حول فناء يقي البيت وهج الشمس وحرها ، أي الغرف المطلة على (الحوش )الداخلي ، و فكرة بناء القوس والعقادة “ العكادة” التي عرفت في عصر الوركاء،  موضحة  بأن من الأمور التي أدهشت الآثاريين والباحثين هو تخطيط وعمارة شبكة المجاري والصرف الصحي للقصر الشمالي في تل أسمر الذي يعود إلى نهاية عصر فجر السلالات ، أو العصر الأكدي أي مابين 2700-2400 قبل الميلاد، والتي  تبين اتساق وتكامل نظامها الهندسي من حيث تصريف المياه الثقيلة عن طريق شبكة من المجاري تحت القصر ، كما شيدت فيه 6 حمامات و6 مراحيض لها مقاعد  مرتفعة من الآجر المفخور ، والتي تعتبر أساسا لفكرة المراحيض “ الغربية “ في يومنا هذا.

الأمر الذي يجعلنا نفكر بمدى القطيعة الحضارية بين واقعنا الحالي الذي تشكو فيه الكثير من الأحياء والمناطق من شبكة تصريف ومجاري للمياه الثقيلة وبين مساعي أجدادنا الأكديين في تنظيم أوضاعهم الصحية وأنظمة حياتهم الحضارية منذ فجر التاريخ..

ومن أبرز مداخلات المحاضرة إشارة رئيس الجمعية العراقية لدعم الثقافة الى أهمية إنشاء جامعة متخصصة للآثار وإن الموضوع قد نوقش أثناء توليه وزارة الثقافة وطرح عدة مقترحات لم تنفذ للأسف من بينها افتتاح كليات تعنى بكيفية التنقيب، وتنقية اللقى والحفاظ عليها وكيفية الاستفادة منها في البحوث والدراسات ، وطرق تقديمها للجمهور في المتاحف، وإقامة دورات تثقيفية للمجتمع وللمرشدين السياحيين المتخصصين ، وغيرها من الأمور.

عرض مقالات: