اخر الاخبار

إن رائحة الفساد قد فاحت ووصلت إلى العالم بما فيه الكفاية وأن أسماء الفاسدين الذين انتهكوا مصالح الوطن والمواطن قد عرفت، وأن الأجهزة الغارقة في الفساد من بنوك وقنواتها ومكاتب الصيرفة العائدة لرموز الفساد، أصبحت معروفة على المستويين المحلي والخارجي  لهذا فان الدولة  بسلطاتها كافة باتت، في ظروف تهتك الاقتصاد، مسؤولة مسؤولية مباشرة عن استعادة الأموال المسروقة رغم ما تواجه هذه العملية من مصاعب، إلا أن إمكانية وأساليب اعادتها، في ظل وجود منظومة من القوانين الوطنية والعالمية بآلياتها وأدواتها قادرة على كشف الاموال المهربة وإعادتها إلى خزينة الدولة بشرط وجود الإرادة الصلبة والرغبة  الصادقة .

 فلم يعد مقبولا التستر على الفاسدين او التردد في محاسبتهم، حيثما كان موقعهم في الدولة وأنى كان نفوذهم في البرلمان، ولم يعد مقبولا إلقاء عبء الأزمة المالية التي يقف وراءها الفاسدون من بيروقراطيين وكامبردور وطفيليين على كاهل الطبقات الكادحة والطبقة الوسطى من محدودي الدخل، ذلك أن مثل هكذا سياسة ستؤدي بالضرورة إلى انكماش الاقتصاد وإنتاج المزيد من شظف العيش والبطالة بشكليها المكشوف والمقنع وانهيار الخدمات وتوقف عجلة الاقتصاد وتدهور مساراته، إن لم تتخذ الإجراءات الضرورية لاستعادة الاموال المهربة والتي تقدرها الدوائر الاقتصادية المحلية والأجنبية بين 450 -500 مليار دولار ولنتصور أهمية هذا المبلغ في إعادة بنية الدولة الضائعة او تكاد.

إن فرص إعادة هذه الاموال متوافرة بشكل كبير وتتمثل بوجود اتفاقيات ومبادرات دولية يمكن توظيفها لهذا الغرض ومنها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومبادرة (star) التي أطلقها البنك الدولي والأمم المتحدة عام 2008، لتسهيل استرداد الأصول المسروقة وهذه المبادرة تسقط أية حصانة سواء كانت سياسية او دبلوماسية وتشمل أي موظف حتى لو كان رئيس دولة مستمرا بمنصبه، ووجود أجهزة دولية ومنظمات وشركات عالمية متخصصة في إعادة هذه الاموال نظير نسبة مئوية من المبلغ المحدد بقرارات قضائية باتة.

 إن النجاح في هذه العملية تقتضي الحصول على معلومات دقيقة عن الحسابات البنكية للمسئولين المتهمين بالفساد، يوفرها التحقيق القضائي النزيه، تسهم في تقدير الحجم الحقيقي للأموال المهربة لما لها من أهمية في تفكيك الشبكة العنكبوتية من أشخاص فاسدين وشركات وهمية واستخدام اسماء مزورة، وإذا ما توافرت هذه المعطيات فسيكون من السهل النظر قضائيا وإصدار حكم قضائي بات من قاض طبيعي ومن محكمة جنائية حيث أن الدول الأخرى لا تعترف بالقرارات الصادرة عن محاكم استثنائية أو خاصة.

  إن الدولة لكي تنجح في إنجاح هذه المهمة عليها ممارسة العديد من الآليات واستخدام الادوات الفعالة من خلال:

  • التنسيق بين الأجهزة الرقابية العراقية ونظيراتها في الدول الاخرى التي تتواجد فيها الأموال المهربة.
  • اتباع الطرق الدبلوماسية الضاغطة بين الحكومات والتعاقد مع إحدى الشركات الدولية المتخصصة في التحري والبحث كما حصل في رومانيا والمجر.
  • تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في اقناع الجاليات العراقية في الخارج لتقديم بلاغات إلى المدعي العام في كل دولة والاستعانة بمنظمة الشفافية الدولية.
  • عقد اتفاقات ثنائية بين العراق والبلد المعين الذي هربت إليه الأموال في مصارف أو عقارات.
  • تفعيل القضاء العراقي بوصفه صاحب سلطة التحقيق مع الفاسدين وإصدار القرارات القضائية في محكمة الموضوع مكتسبا الدرجة القطعية والطلب من الأمم المتحدة استعادة الاصول والأموال المهربة.

إن حكومة قوية وجادة، كفيلة بإعادة الاموال المنهوبة وتصفية الفساد باعتباره الوجه الآخر للإرهاب.

عرض مقالات: