اخر الاخبار

تتلاقف الألسن لدى الكثير من الشعراء أو الغاوون و محبي الادب الشعبي مفردة( فلان مدرسة) دون سبر اغوار  ماهية هذا المصطلح من ناحية الدقة والصواب ، وللتوضيح نقول من الخطأ ان نطلق بوازع من التأثر أو  برياح العاطفة  إن فلان  (مدرسة) لعدم اكتمال الاسس النوعية  المطلوبة في هذا التصنيف، باديء ذي بدء وقبل الولوج في التشخيصات نتوقف عند التعريف بمفردة(مدرسة).

المدرسة في الشعر الشعبي العراقي هي الإتيان بنموذج ابداعي ونهج مبتكر او تأسيس معالم واسس وبناء متجدد معطاء أي ابتكار نمط جديد يحدث انقلابا واثرا في مسيرة الحركة الشعرية بلون او طريقة يلتمس الاخرون منه ضوءا في التجديد والحداثة. والسيرعلى ذلك الأثر حتى تنضج التجربة بمعالم التكرار والذيوع والانتشار .

وكما يعلم البعض ان الشعر الشعبي قد تعاقبت عليه الايام والسنون فأفرزت القريحة نمطا من فنون الادب المتنوعة وهو  يُعدّ  كلاسيكيا  في تسمية اليوم وينظم على طريقة الأوزان المقيدة بالتفعيلات الموزونة الثابتة  كالنصاري والتجليبة والمجرشة والشبكهه  والموشح والحدي وخدري الچاي خدريه والنايل والميمر الخ. وعلى هذا النمط الثابت المقيد لايحق للشاعر التصرف والاجتهاد لأنه مُلزَم  بقاعدة ثابتة من التفعيلة في السطر الواحد.

 جاء العملاق مظفر النواب فأحدث انتقالا بالتحرر من هذا النظم المقيد بالقوالب التفعيلية حسب اوزانها ذلك كان كما اظن في منتصف القرن المنصرم...وان ثورة تجربة الشعر الحر العربي في  اوجّها فاستفاد من هذا التجديد سيما وأن النواب أيضا شاعر فصيح فانبثقت تجربة المدرسة التأسيسية للشعر الشعبي الحر او مايسمى بقصيدة التفعيلة على غرار الشعر الحر الفصيح...حتى ان النواب في بعض قصائده لم يلهث وراء القافية. والتفعيلة الجديدة هي نموذج في طريقة الإبداع دون التقيد بالقوالب الثابتة لكن مع اشتراطات الأوزان في البحر الواحد. 

النواب إذن هو مؤسس هذا التجديد والنمط والابتكار وبشكل شمولي في اطار منحى القصيدة المولودة الجديدة وكل من جاء بعده سار على نمط هذه الحداثة كعريان..والكاطع وزامل ومجيد جاسم الخيون وناظم وشاكر السماويان الخ وسأل عريان السيد خلف مرة على شاشة التلفاز  كونه يمثل مدرسة قائمة أجاب بصراحة كما قالها الكاطع رحمهما الله انهم ساروا على منوال خطى من سبقهم وهو النواب ولم يأتي احد بعده بجديد. صحيح انهم وغيرهم من الشعراء البارزين يمثلون طعما ودربا ابداعيا متميزا ولهم أثر يقتفى به لكن اي منهم لايمثل مدرسة  بشرائط الابتكار فكيف من يطرحون اسماء جاءت بعد عريان والكاطع وينعتونهم بالمدرسة هذا غلو وتعظيم جراء الحب وعمق الاعجاب ليس الا. وشعراؤنا المبدعين نظموا وينظمون شعرهم اما مقيد او بتفعيلة ابتكار مظفر النواب، اذن ماهي ملامح ومعالم مدرستهم؟ اين التجديد الجوهري ؟ وربما بطون الابداع حبلى لتلد مدرسة مستحدثة جديدة مستقبلا ربما.

عرض مقالات: