اخر الاخبار

تعد الموارد البشرية في معظم النظم الاقتصادية في العالم، الا في العراق، إحدى أهم العوامل في عملية التنمية المستدامة إن لم تتفوق عليها جميعا، وأن تنمية هذه الموارد تعتمد قبل كل شيء التركيز على قيمة القدرات الفكرية لدى الأفراد، وفي نفس الوقت النظر إلى الانسان كقيمة عليا في عمليات الانتاج وكافة العمليات التي يدخل فيها الانسان بوصفه متدربا ومتعلما ومخترعا ومبتكرا، وهذا ما يحصل اليوم في اليابان والصين وماليزيا وسنغافورا والعديد من الدول المتطورة في عالم اليوم.

وإذا اخذنا في الاعتبار تعريف الأمم المتحدة بكون الموارد البشرية (هي عملية توسيع خيارات المجتمع وذلك بزيادة القدرات وتعدد طرق العمل البشرية) فما هي التحديات التي واجهت الحكومات العراقية بعد عام 2003 وما زالت والتي أدت إلى التراجع الكبير في تنمية الموارد البشرية في العراق؟ 

فاذا اضفنا إلى عوامل الحروب الخارجية مع دول الجوار وسياسات القمع والتصفية ضد المعارضين والحرب الطائفية لعامي 2006 و2007 التي كان يقف خلفها أمراء لا يختلفون بأهدافهم الشريرة في لهفتهم إلى السلطة والنفوذ والمال كما فعل سلفهم وهي سنوات عجاف قضت في محرقتها على ملايين الشباب المتطلعين إلى مستقبل أفضل، سوء الأوضاع السياسية والأمنية والأهم من ذلك غياب الإرادة السياسية وسوء الإدارات المالية والاقتصادية.

ومع كل هذه التحديات فقد تحقق تقدم نسبي في مؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خلال الفترة ما بعد عام 2003، فبعد ان كانت النسبة (31) في المائة عام 2005 ارتفع المؤشر إلى 47 في المائة عام 2006 لكنه لم يستطع مواكبة التقدم العالمي بما فيها دول الجوار، حيث تشير الاحصاءات إلى نقص كبير في استخدام الحاسوب اذ بلغت نسبة استخدامه 14 في المائة لمن يزيد عمره عن خمس سنوات وبلغت نسبة الاستخدام من قبل الجنسين في مؤسسات الدولة (27) في المائة فقط فيما كان الاستخدام على المستوى الشخصي 56 في المائة، وبدلا من تطوير مراكز البحث العلمي والإكثار منها وحتى الموجود منها على قلتها فإنها غير مرتبطة باستراتيجية او سياسة وطنية، أقدمت الحكومة بعيد عام 2014 وبخطوة تراجعية  على  الغاء وزارة العلوم والتكنولوجية التي كانت الآمال معقودة عليها في توسيع البحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا وأهمها مشروع الحوكمة الذي كان مقدرا له أن يضع العصا في عجلة الفساد السياسي والحكومي والإسهام في تطوير برامج الوزارات العراقية على اختلافها.

إن الحكومة العراقية الراهنة، معنية بإيلاء الاستثمار في الموارد البشرية ما يكفي من الاهتمام للارتقاء بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ونقترح في هذا المجال ما يلي:

  • وضع خطة ملموسة لمكافحة آفة الفقر التي تجتاح عشرة ملايين مواطن عراقي وتمكينهم من الانخراط في ميادين العلم والمعرفة وتوفير كافة مستلزمات التعليم لهذه الشريحة الواسعة التي تعجز وزارة التربية عن تقديمها ضمن مجانية التعليم التي نص عليها الدستور وتغافلت عنها الحكومات المتعاقبة.
  • تطوير قطاع التعليم ابتداء من مراحله الابتدائية وصولا إلى الجامعات واصلاحها من خلال مراجعة حقيقية للبرامج والمناهج التعليمية وتوفير البنية التحتية والأجهزة المختبرية وتوسيع نطاق البعثات الدراسية إلى الجامعات العالمية الراسخة. كل ذلك من أجل خلق بيئة مشجعة للبحث والتطوير واستخدام الادوات والنظم التكنولوجية في عمليات التنمية.
  • ربط خطط التنمية البشرية بخطط التنمية الاقتصادية والتنسيق الكامل بين اداراتها والربط بين المناهج التعليمية والبرامج الاقتصادية والتساوق بينهما من أجل استيعاب الخريجين المؤهلين وزجهم في العملية الانتاجية في القطاعات التي تناسب اختصاصاتهم والتركيز في هذا المجال على أساليب تحليل الوظائف بما يوفر للوزارات البيانات والمعلومات التي تبين مدى الحاجة إلى انشاء وظائف جديدة والغاء الوظائف القديمة التي لم تعد الحاجة اليها بسبب التوسع في استخدام التكنولوجيا.
عرض مقالات: