بعد أن ردّتها المحكمة الاتحادية العليا في وقت سابق، قام سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق رائد جاهد برفع الدعوى مجدداً للطعن بدستورية تشريع قانون الموازنة الاتحادية من دون تقديم الحسابات الختامية، وذلك عملاً بأحكام المادة 62 أولا من الدستور، حيث تنص هذه المادة على ان يقدم رئيس مجلس الوزراء مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي الى مجلس النواب لإقراره.

وتعد الحسابات الختامية واحدا من أبرز الملفات التي يثار الرأي العام بشأنها، خصوصا في السنوات الاخيرة حيث جرى اقرار العديد من الموازنات بدون حسابات ختامية، فيما يرجع معنيون ذلك الى ان القوى المتنفذة تتخوف من تقديمها بسبب الفساد وعملية صرف أموال الموازنة بطرق غير مشروعة.

ردّت شكلاً

الدعوة اقيمت وكالة عن الرفيق رائد فهمي بصفته الشخصية لتجاوز النقص الذي حددته المحكمة الاتحادية في تلك الدعوى التي ردت من الناحية الشكلية لاقامتها وكالة عنه بصفته المعنوية.

وللإيضاح اكثر بخصوص اعادة رفع الدعوى، قال المنسق العام للتيار الديمقراطي، المحامي زهير ضياء الدين، ان «الدعوة رفعت قبل اشهر وكالةً عن سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وشخصيته المعنوية، وطعنا فيها بقيام رئيس الوزراء برفع الموازنة الاتحادية لمجلس النواب لغرض المصادقة عليها بدون ان يرفق معها الحسابات الختامية للسنة السابقة».

وأضاف قائلا أنه بعد ان نظرت المحكمة في الدعوة «أصدرت قراراً بردها على أساس ان قانون الاحزاب يخول رئيس الحزب بممارسة عمله بما يخص الحزب، وبالتالي فإن موضوع الموازنة هي خارج اختصاص عمل الحزب، وعلى هذا السياق قررت رد الدعوى شكلاً فبحسب الاتحادية العليا فإن الدعوى من الناحية الشكلية غير مستوفية للشروط».

وتابع حديثه لـ»طريق الشعب»، بالقول انهم انتظروا «نشر قرار رد الدعوى وحصلنا على نسخة منه، وقمنا بتحريك الدعوى مجدداً أمام المحكمة الاتحادية العليا بعد تجاوز الإشكالية، بنفس النص والطعون مع وجود نص في الدستور يلزم مجلس الوزراء بان يقدم الحسابات الختامية مع الموازنة الاتحادية، وايضا هناك نص آخر في الدستور يخول كل عراقي بأن يكون مسؤولاً عن أموال الدولة، وبالتالي من حق اي عراقي أن يرفع دعوى في حالة وجود هدر بأموال الدولة او في حالة وجود عملية صرف غير موضوعي».

تجاوز للنقص

وفي ما يتعلق برد المحكمة للدعوى قال ان «المحكمة الاتحادية العليا التزمت بحرفية النص، وحرفية النص بالنسبة للوكالة انه سكرتير حزب، وقانون الاحزاب رقم 36 لسنة 2015 يخول عمل الأحزاب ويمنحها الإجازة لممارسة عملها؛ والمحكمة اعتبرت ذلك تجاوزا خارج نطاق العمل الحزبي، وهي محصنة بالمادة 193 وقراراتها باتة وملزمة وغير قابلة للطعن».

وبعد أن تم تجاوز الخلل او النقص الذي اشارت له المحكمة، تم رفع الدعوى من جديد حيث كشف  المنسق العام للتيار الديمقراطي عن ان «الدعوى تم قبولها من المحكمة بتاريخ 2023/8/3  واخذت رقم 190 اتحادية 2023، وسيتم تبليغ اطراف الدعوى المقامة على كل من رئيس مجلس النواب، اضافة لوظيفته، لتشريعه قانونا مخالفا للدستور، ورئيس مجلس الوزراء اضافة لوظيفته كونه اعد الموازنة وارسلها الى مجلس النواب خالية من الحسابات الختامية، وهم بدورهم يقومون بالإجابة على عريضة الدعوى، ونُبلغ بإجابتهم ونرد على اللوائح الجوابية ومن ثم يتم تحديد موعد للمرافعة للنظر بالدعوى». ولفت الى ان رد الدعوى تم لسبب محدد «بانه تمت اقامتها من سكرتير الحزب بصفته المعنوية وليس بصفته الشخصية، واعتبروا هذا يتعارض مع نصوص قانون الاحزاب، بدورنا تجاوزنا هذا النقص، واقمنا الدعوى بصفته الشخصية»، مبينا انه وبحسب تقديره «فان الدعوى يجب ان تأخذ طريقها لان هنالك نصا دستوريا صريحا، اكد ان تقديم الموازنة يكون مع الحسابات الختامية، وتم انتهاك هذا النص، بما معناه يجب ان يصدر قرار من المحكمة الاتحادية يلزم مجلس الوزراء بإرفاق الحسابات الختامية».

تساؤلات عديدة

ونوه الى ان الدعوى تهدف الى «حماية المال العام من الهدر. كيف تصرف التخصيصات المالية التي تعتبر ثروة للعراق بدون عملية رقابة؟ ما الذي يضمن ان هذه التخصيصات في الموازنة صرفت وفق ابواب وفصول الموازنة؟، وما الضامن انها لم تتجاوزهم؟ وهذا بكل تأكيد تحدده وتكشفه الحسابات الختامية».

وعن كيفية اعدادها قال ضياء الدين انها «تعد من قبل الهيئات الرقابية ويتم تحليلها من قبل ديوان الرقابة المالية. وعند انتهاء السنة المالية فإن كل الوزارات والمؤسسات تقدم الحسابات الختامية لمعرفة آلية صرف الاموال التي خصصت لها وبأي طريقة من خلال المستندات والارقام، ولمكافحة الفساد من خلال الرقابة عبر الحسابات الختامية».

ذروة الفساد

وزاد على حديثه منوها الى ان «كل الموازنات التي تم تقديمها وتشريعها لم تقدم مع حسابات ختامية، بل ان هنالك سنوات مرت على العراق مثل 2014 و2022 لم يتم اعداد موازنة فيهما والمصادقة عليها، وانما تم وفق قانون نسبة 12/1 من مصروفات السنة السابقة، وهذا ذروة الفساد الذي يسمح للمتنفذين بصرف الأموال بغير مجالاتها وعملية صرفها بشكل غير مشروع وحرمان العراق من موارده وهذا امر خطير.

وخلص الى ان رد المحكمة اذا كان شكليا كما في الحالة الاولى، بالإمكان اقامتها مجدداً وتلافي الشكلية القانونية التي تم تجاوزها، فيما استبعد ضياء الدين ان يكون للمحكمة رد موضوعي ـ مسبب ـ  لأن هناك نصا دستوريا يقول ان مجلس الوزراء يقدم  الموازنة مع الحسابات الختامية وهذا النص غير قابل للتأويل.

عرض مقالات: