أدت قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة، واستمرار التنافس على المقاعد والمصالح، ومقاطعة جلسة البرلمان يوم الاثنين( 7 - 2 - 2022)، بحجة عدم حصول التوافقات المطلوبة، أدت عمليا الى اخلال بالتوقيتات الدستورية، وهو ما يشكل تمسكا من معظم الكتل المتنفذة، رغم ما تعلن من تصريحات ومواقف، بالنهج الفاشل الذي اديرت وفقه البلاد منذ ٢٠٠٥ حتى الان، والذي يعرف القاصي والداني نتائجه. كما يعكس استمرار الطريقة الانتقائية التي تتعامل بها هذه القوى مع الدستور، واستعدادها لانتهاك مواده خدمة لمصالحها، رغم ما يمثله ذلك من تهديد للديمقراطية وتقويض لعملية البناء المؤسسي للدولة.
ويلفت الانتباه ان الحوارات والنقاشات التي تدور بين المتنفذين، لا تخرج عن سياق تفاهماتهم السابقة التي تعطي الأولوية للنفوذ والمواقع والحصص. حيث غابت عن مداولاتهم ومباحثاتهم مشاكل البلد الأساسية، والهموم المعيشية المتفاقمة لأغلب فئات وشرائح الشعب، ولم تقدم هذه القوى المتصارعة أية برامج ملموسة لمعالجتها.
والظاهر حتى الان ان هذه القوى التي تقدم مصالحها على المصلحة العامة، تتناسى واقع انتخابات تشرين الأول ٢٠٢١، وما اسفرت عنه من نتائج، والتي تميزت بمقاطعة سياسية وشعبية واسعة تجاوزت كثيرا نسبة الـ ٥٩ في المائة التي أعلنتها مفوضية الانتخابات، وبالانخفاض الحاد في أعداد المصوتين لجميع الكتل والأحزاب المتنفذة من دون استثناء. وشكل هذا كله مضمون رسالة رفض واضحة للمنظومة الحاكمة ونهجها، وتطلع غالبية العراقيين إلى التغيير الشامل.
و يبين هذا أيضا إن مجلس النواب الحالي لا يمثل في الواقع إلا ١٨ في المائة من العراقيين، الامر الذي يعكس عمق الهوة بين الشعب والمنظومة الحاكمة، وانعدام ثقة الناس بقدرة هذه المنظومة على اعتماد وتطبيق نهج سياسي جديد، قادر على تغيير الواقع الكارثي في جوانب متعددة.
ان ما يحصل هذه الأيام، وبضمنه اطلاق التهديدات والسعي الحثيث الى تحكم البندقية بالقرار السياسي، انما يعزز أجواء الشك والريبة بقدرة هذه المنظومة واقطابها الفاعلين، المتمسكين بنهجها والرافضين لاي مسعى جدي لاصلاح ما جرى تخريبه وما دفع بلدنا سنوات الى الوراء.
ان أوضاع بلدنا تتطلب احترام التوقيتات الدستورية والإسراع في تشكيل حكومة اغلبية سياسية، تتبنى برنامجا ملموسا ذا سقوف زمنية محددة للتنفيذ، ولا تقوم على أساس نهج المحاصصة المكوناتي، وإرضاء هذا الطرف او ذاك، ولا يتم اسناد المهام فيها لاعتبارات غير الكفاءة والنزاهة والقدرة الفعلية على الإنجاز. ويتوجب ان يستجيب برنامج الحكومة لمطالب الشعب ولانتفاضته تشرين المجيدة، ولحاجات الناس واولوياتهم ولمعالجة أوضاعهم المعيشية والخدمات العامة ومكافحة الفساد وإصلاح الدولة ومؤسساتها، وتفعيل مبدأ المواطنة وحصر السلاح بيد الدولة، والتوظيف السليم لموارد البلد بهدف تحقيق التنمية وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني.
وفي هذا الشأن ندعو كل الديمقراطيين والتشرينيين والوطنيين المخلصين لبلدهم واستقراره وأمنه وسيادته ورفاه شعبه، الى مواصلة الضغط السلمي السياسي والجماهيري، لوقف هذا التمادي والتسويف والمماطلة والتلاعب، ولفرض إرادة المواطنين.
المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العراقي
٨-٢-٢٠٢٢