اخر الاخبار

 تتفاقم ازمة الكهرباء عاما بعد آخر، وهي هذا العام الاسوأ ربما على الاطلاق. وهذا يؤشر الإخفاق المتواصل وفشل الإجراءات التي قيل انها اتخذت طيلة السنوات الـ ١٨ الماضية. فالأزمة كما يظهر أعمق وأشمل كثيرا مما كان يُتصور.

ان كارثة الكهرباء هذه هي في الواقع تعبير مكثف عن كل أزمة المنظومة الحاكمة والنهج المتبع الفاشل في إدارة الدولة. فعناصرها تشمل كل أسباب وعوامل الازمة العامة الشاملة في البلد. 

وعناصر ازمة الكهرباء متعددة، منها المحاصصة وتقاسم المواقع، سوء التخطيط والإدارة، تفشي الفساد، الصراعات والتدافع السياسي للاستحواذ على المغانم والأموال في وزارة الكهرباء وفي غيرها، البعد الخارجي، الإرهاب واستهدافه ابراج الطاقة، الجوانب الأخرى الفنية والمتعلقة بالكفاءة والقدرة على إدارة الدولة ومؤسساتها وترتيب الأولويات والتوظيف السليم للمال العام، والقدرة على انفاذ القانون.

وللازمة بعد آخر يتعلق بقدرة مؤسسات الدولة على التحكم بعمل مفاصل وزارة الكهرباء. فالعديد من هذه المفاصل، كما يؤشر واقع الحال، يخضع لجماعات متنفذة، ذات عناصر اسناد وقوة، بما فيها السلاح. وهذا ما يصعّب عمل الدولة ووزارة الكهرباء وقدرتهما على تنفيذ الخطط والإجراءات، وشق الطريق نحو الواقع الملموس.

ويرتبط بالأزمة موضوع المولدات التي تشكل قطاعا مهما في تجهيز الطاقة الكهربائية، لكنه هو ايضا تتحكم في غالبيته جماعات ضغط تفرض أسعارها، ولها مصلحة في استمرار الازمة كي تجمع المزيد من الأموال على حساب معاناة المواطنين. وقد برزت هذه المجاميع كعنصر معرقل لخطط الوزارة ومشاريعها. 

وبات جليًا الآن ان عناصر ازمة الكهرباء متعددة، وأنها ترتبط وثيقا بعمل قوى اللادولة، اي الدولة العميقة بإخطبوطها المتشعب في وزارات ومؤسسات الدولة. وبهذا المعنى فان الازمة لا تحل بذهاب هذا الوزير او ذاك او هذا الموظف او ذاك واستبدالهما، وكم عدد الوزراء الذين تعاقبوا على مسؤولية هذه الوزارة. 

ولا شك ان لأزمة الكهرباء تداعيات تتجاوز الاستهلاك البشري وحاجات المواطنين الشخصية. فقد لمسنا آثارها المؤذية في القطاعات الاقتصادية وفي تفاقم الأوضاع المعيشية والخدمية، لذا فطبيعي ان يندفع المواطنون نحو الاحتجاج والتظاهر السلميين، وهذا حق طبيعي دستوري يتوجب احترامه وتأمين حماية للمحتجين والرافضين لهذا الواقع الماساوي. 

لقد غدا موضوع الكهرباء موضع صراع مكشوف بين المتنفذين، ولا يبدو مستبعدا ان يبلغ الأمر حد التعطيل المتعمد للمنظومة الكهربائية، الى جانب ما تقوم به قوى الإرهاب. 

 

لقد اهدرت المليارات على الكهرباء وتبدلت طواقم الحكومات والازمة مقيمة وتستفحل، ولا يمكن توقع حلول حقيقية من دون معالجة جادة للفساد، والخلاص من الفاسدين والفاشلين ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وتخليص وزارة الكهرباء من المجاميع الزبائنبة المهيمنة عليها. او من دون معالجات شاملة لا ترقيعية، والتوجه لتنفيذ إصلاحات عميقة تفضي الى التغيير، والخلاص من منظومة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت. وهذا لن يتحقق من دون المزيد من الضغط الجماهيري متعدد الاشكال لفرض إرادة الشعب.

 

اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي العراقي

٤ تموز ٢٠٢١