اخر الاخبار

الحضورُ الكريم.. الرفيقات والرفاق الأعزاء

اسمحوا لي بأسم حزبنا الشيوعي العراقي ولجنته المركزية أن أرحب بكم، وأن اعرب عن امتنانا العميق لتضامنكم، بحضور هذا الإحتفال، الذي نقيمه تخليداً لذكرى شهداء 8 شباط الأسود، وفي الصميم منهم، تلك الكوكبة الباسلة التي قاومت بأجسادها العارية، الانقلابيين الفاشست، مرددة بيقين إنشودة الأمل، وراسمة للوطن طريق الحرية، وللشعب درب السعادة.

ففي مثل هذه الأيام من عام 1963، حين تمكّنت الذئاب الفاشية من أن تطبق بأشداقها القذرة على عنق الوطن، وحين تصاعد أنين الناس وبُترت الأعضاء وأغتصبت الصبايا وحُطمت الرؤوس وإقتلعت الأظافر وهدمت البيوت على رؤوس ساكنيها، ونُشرت الغازات لتخنق العباد وتسمم الشجر، كان للشيوعيين، عشاق هذه الأرض وحماتها الحقيقيين، كلمتهم، فعّمدوا بالدم انتمائهم للعراق، وعلّموا الدنيا معنى الصبر والإيثار.

ووفاءً لصبايا نذرن العمر شموعاً زهت بهن أرض البلاد، ولفتية بقيت قبورهم تنز دماً ونور، نقف اجلالاً اليوم، ونردد بثقة أن راية الحزب التي لم تسقط من أكفهم، ستبقى ترفرف عالياً، رمزاً لعراق لا يموت، وسنبقى في طلائع المبادرين للتضحية، نفّي الشهداء حقهم بإبقاء شعلة كفاحهم متوهجة وبمواصلة مسارهم البهّي.

الحضورُ الكريم.. الرفيقات والرفاق الأعزاء

يكتسبُ استذكار شهداء شباط 1963، هذا العام نكهةٍ أخرى، حين يقترنُ بالذكرى الخامسة والسبعين ليوم الشهيد الشيوعي، يوم إستشهاد قادة حزبنا الأماجد، فهد وحازم وصارم، فيصبح بهذا مقاماً أخر للفخر، نتعلم منه ما يسدد خطى أيامنا التوالي، وفرصة جديدة للتضامن والوحدة، ووقفة نتأمل فيها كيف تتحول التضحيات الى رايات لجموع تكتسح الخراب وتسعى الى تحقيق التغيير.

كما تقترن الذكرى بالعيد التسعين لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي، حزب العمال والفلاحين والكادحين والمثقفين، الحزب الذي علّمنا نحن العراقيين، كيف نرمم احلامنا التي هشمها الطغاة، وكيف تلد المشانق زنابق أمل لا يخيب. الحزب الذي حصّن قلوبنا من صدأ التعصب وأيقظ مستضعي بلادنا ورسم لهم طريق استعادة أدميتهم المستلبة. الحزب الذي ناضل وما يزال ضد المحاصصة والفساد والخراب، واعتبر إنهاءَ الأحتلالِ واستعادةَ الحريةِ شرطاً لإقامةِ الديمقراطية، وتبنى الدفاع عن الحقوق القومية والثقافية المشروعة لكل العراقيين. الحزب الذي دافع بصلابة من اجل تحقيق المساواة بين العراقيين، رجالاّ ونساءً، ولصيانةِ مكانةِ المرأة في المجتمع من كل ما ينتهكُ حريتـَها وحقوقها، حزب أصحاب التاريخ الوطني النضالي الناصع، والأيادي البيضاء.

الحضورُ الكريم.. الرفيقات والرفاق الأعزاء

وفي كل هذه المناسبات، يجدد حزبنا، وهو يناضل للخلاص من ممنظومة المحاصصة، دعوته لبناء أوسع اصطفاف سياسي وشعبي، على اساس مشروع للتغيير الشامل، يفعّل حراكاً جماهيرياً متواصلاً ومتعدد الأشكال، يُخرج البلاد من الأزمة البنيوية التي تواجهها، ويفتح الطريق لبناء الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والمؤسسات والقانون والحريات العامة والخاصة. كما يواصل حزبنا نضاله ضد نهج الليبرالية الجديدة الذي خرب اقتصادنا، ويتبنى العدالة الإجتماعية هدفاً، يعيد بها توزيع الثروة الوطنية بين الناس ويخلص المواطنين من الفقر، ويضمن إستثمار خيرات البلاد لتقديم أفضل الخدمات الأساسية لأبنائها، من تعليم وصحة وسكن وعيش لائق وفرص للعمل، تضمن إشباع الحاجات الروحية والمادية للناس.

الحضورُ الكريم.. الرفيقات والرفاق الأعزاء

إن حزبنا الذي عمل دوماً من أجل الديمقراطية ودعا لإعتماد التداول السلمي للسلطة، ورفض التهاون مع أي إنتهاك لقيم الحرية، يؤكد على أن أي تحول جدي نحو الديمقراطية مشروط بتبديد ثقافة اليأس والآحباط والتمييز والأستقطاب الطائفي والقومي، وبإنهاء الطائفية السياسية وبحصر السلاح بيد الدولة وإمكانية انفاذ القانون، وإعتماد مبدأ تكافؤ الفرص في كل مجالات الحياة، وصيانة الهوية الوطنية الجامعة. وقد أكدت التجارب الإنتخابية التي جرت في البلاد، وآخرها انتخابات مجالس المحافظات، على صحة هذه الإستنتاجات، حيث ادى استخدام المال السياسي وشراء الذمم وتوظيف أجهزة الدولة ومؤسساتها لصالح قوائم القوى المتنفذة، وعدم تطبيق قانون الأحزاب، ودور الجماعات المسلحة والخطاب الطائفي في الدعاية الانتخابية، الى اضعاف نسب مشاركة المواطنين في التصويت وبالتالي من مصداقية تمثيل المجالس المنتخبة لهم، وهو أمر يعمق بشكل مستمر من ازمة منظومة المحاصصة، ويشكل مخاطر جدية اضافية على مستقبل البلاد والسلم المجتمعي وبناء الديمقراطية الحقة والسير على طريق التنمية المستدامة.

ان ما حصل في الانتخابات الأخيرة  يدعونا الى المزيد من التعمق في دراسته واستخلاص العبر والدروس منه لتعزيز التنظيم الحزبي ومعالجة الثغرات وجوانب القصور، لاستنهاض الحزب وتوسيع صلاته بجماهير الشعب والكادحين، وتبني مطالبها والدفاع عن حقوقها ومصالحها، والارتقاء به من اجل انطلاقة جديدة لحزبنا الشيوعي، ليلعب دوره المرتجى، في حاضر بلدنا، كما في مستقبلها.  

وختاماً، نؤكد أيها الأحبة، على مواصلة الكفاح معاً، من أجل استنهاض قوى التغيير، القوى المدنية والديمقراطية، وبناء اصطفاف شعبي وسياسي واسع لتغيير موازين القوى لصالح الشعب وتحقيق التغيير الشامل وإخراج البلد من الأزمة الشاملة التي يعيشها وصيانة استقلال البلاد وسيادتها واطلاق إستراتيجيات تنموية جادة.

لنهر الدمِ و الدموعِ اللذين روَيا ترابَ بلادناِ.. نقول مجداُ وسلاما

للشهداء.. إذ يشكلون للعراقِ ظلاً ونخيلاً.. نقول مجداُ وسلاما

الخزي والعار للقتلة والمجرمين الطغاة

المجد للذكرى التسعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي