اخر الاخبار

أعلنت المفوضية العليا للانتخابات النتائج الأولية لانتخابات مجالس المحافظات، والتي أشرت استمرارَ هيمنة قوى الحكم والمال السياسي والفساد والسلاح المنفلت. 

وإذ لم ترتقِ النتائج المعلنة إلى ما كنّا نطمح اليه، نعبّر عن تثميننا العالي للجهودِ الكبيرة التي بذلها رفيقاتُنا ورفاقُنا المرشحون وكذلك النشطاء في الحملة الانتخابية ومنظمات الحزب والداعمون له في التعريف بحزبنا الشيوعي ومواقفه ومشروعهِ للتغيير الشامل وكذلك بالتيار الديمقراطي وقوى التغيير الديمقراطية، وفي الوصول إلى شرائح اجتماعية جديدة ونسج علاقات معها، وهو ما يتطلب إدامتها وتطويرها وتعبئتها ضمن حركةٍ شعبية ضاغطة لتغيير ميزان القوى وكسرِ احتكار السلطة، وصولا إلى التغيير المنشود بتحقيق البديل المدني الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، وهذا هو الهدفُ الأبرز في الحملة الانتخابية التي خاضها الحزب الشيوعي العراقي في إطار تحالف قيم المدني.

وليس من المتوقع أن يجري تغييرٌ كبير على نتائج الانتخابات، بعد إعلان نسبة 94 في المائة منها، وهي عملياً شابها الكثيرُ من الشكوك والملاحظات منذ بداية تشريع قانونها الانتخابي، مروراً بتشكيل التحالفات والقوائم الانتخابية وكذلك الحملات الانتخابية التي جرى فيها وبشكل علني شراءُ الذمم وبذخ المال السياسي واستخدام الخطاب الطائفي المقيت واللجوء إلى الهويات الفرعية لكسب الناخبين. وهذا غيضٌ من فيضِ المخالفاتِ الأخرى التي أشرنا إليها في مختلف المناسبات السابقة.

ونشير إلى أنّ أية انتخابات مقبلة سترافقها ذاتُ الإشكاليات ما لم يجرِ تلافي الخلل الكبير والأخطاء المرتكبة في هذه الانتخابات، ما يؤكد أهمية وضرورة تنفيذ قانون الأحزاب بصورة تامة، وتعديل قانون الانتخابات ليكون فعلاً قانوناً عادلاً ومنصفاً، إضافة إلى تغيير طريقة تحديث سجل الناخبين والبطاقة البايومترية والإجراءات المتّبعة في احتساب نسبة المصوتين، وإلغاء كل الحلقات البيروقراطية التي تحدّ من مشاركة الناخبين، وأنْ يكون للمفوضية والأجهزة الحكومية دورٌ فعال أكبر في تحفيز الناخبين على المشاركة في الانتخابات. وأيضا منع مشاركة القوى التي تملك السلاحَ خارج سيطرة الدولة في الانتخابات، واتباع إجراءاتٍ صارمة للحدّ من استخدام المال السياسي ومنعِ مشاركة الفاسدين أو المتهمين به.

لقد نتجت عن الانتخابات الأخيرة عموما إعادةُ توزيع مقاعد مجالس المحافظات على القوى والأحزاب ذاتها التي حكمت البلاد طيلة الفترة الماضية، والتي فشلتْ فشلاً ذريعاً في إثبات أنها قادرة على حماية البلد ومؤسساته من الخراب والفسادِ والتهديم، بل وتتحمل المسؤولية كاملةَ عن هدرِ ثرواته والتفريطِ بسيادته الوطنية، وعن الأزماتِ المتكررة التي تهددُّ الأمن والاستقرار، والعجز الفاضح عن توفير الحد الأدنى المطلوب من عيشٍ كريم للمواطنين. وهو ما يعني بالتالي إعادة إنتاج ذات عوامل التعطيل والفشل، ومن صراعٍ على الحصص وتخادمات منتجة للفساد، عانت منها مجالسُ المحافظات في الدورات السابقة ما أفقدها ثقةَ نسبة كبيرة من شعبنا ودفعتهم إلى رفضها. كما انعكس في مستويات العزوف والمقاطعة العالية في هذه الانتخابات.

وتتحمل قوى حكم المحاصصة والفساد، التي قامت بشكل منهجي على مدى سنوات طويلة بتكييف العملية الانتخابية والتلاعب بها، وفقاً لمصالحها، ولأجل إدامة هيمنتها على الحكم ولتدوير ذات القوى الحاكمة الفاشلة ورموزها، تتحمل المسؤولية عن اليأس والإحباط الذي شاع في أقسام واسعة من المجتمع، وخصوصا بين الشباب، وفقدان الثقة بمنظومة الحكم الفاسدة التي أفرزتها العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية. 

لقد تحملتْ القوى المدنية العبءَ الأكبر من تداعيات حالة العزوف والمقاطعة للانتخابات كون جمهورها كان الأكبر في ذلك. ومع ذلك حقّق تحالف قيم المدني حضوراً في عدد من المحافظات، لكنّه بالتأكيد لا يتناسب مع حجمهِ وحضورهِ والطموحِ الذي كان يسعى اليه، وهذا يثير أيضاً شكوكا أخرى بشأن مجريات يوم الانتخاب والنتائج المعلنة ومدى مطابقتها فعلا لأصوات قوى تحالف قيم المدني. مع الإشارة إلى أن الأحزاب المتنفذة هي الأخرى خسرت ما يقارب مليونَ صوت، ما يؤكد اتساعَ الفجوة بينها وبين أوساط متزايدة من المجتمع. وهي نتيجة منطقية لحكمها الفاشل.

لقد شرعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي فورَ إعلان النتائج الأولية، في دراستها، وهي بصدد مراجعة شاملة للنتائج والعمل الجاد ـ بشعور عالٍ بالمسؤولية ـ على معالجة الأخطاء والنواقص التي رافقت الحملة الانتخابية. ووضعت ذلك كتحدٍ كبير أمامها وأمام التنظيمات الحزبية المنتشرة في عموم البلاد، وبما يمكّن الحزب من تعزيزِ صلاته بجماهير شعبنا ومن قدرتِهِ على كسب ثقتها والتعبير عن همومِها ومصالحها.

 سنواصل نحن الشيوعيين عملنا مع القوى المدنية والديمقراطية والوطنية الخيّرة وتقديم المزيد من العطاء لمصلحة الوطن والشعب وكادحيه، والنضالَ من أجل التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، في عراق خالٍ من المحاصصة المقيتة والفساد والسلاح المنفلت، ينعم فيه شعبُنا بما يستحقه من حياةٍ حرةٍ كريمة، في أمان وسلام وازدهار.

اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي العراقي

بغداد 24-12-2023