ينقل الأديب حنون مجيد أفكاره بأناقة وحذق ، عبر 100 قصة قصيرة جدا ضمها كتاب حمل عنوان “ ريشة بوشكين “ صدر حديثا من منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب بواقع نحو 134 صفحة .

يكتب مجيد بقص مُختزل خاطف مُحّمل بالدهشة والمفارقة و كأنه يلتزم بمقولة ( الكثير ما يُقال في موجز المقال) ، راسما في الوقت نفسه عوالم تتأرجح بين الواقع والخيال ، حتى يجسد في كل كلمة منها معنى وصدى مختلف وفق مفاجآت حيوية تلكز الراكد فينا ، بل وتشرع بفتح آفاق لانهائية من التأويل بعملية تشبه العصف الذهني، فمرة يذكرنا بقيمة متعة الحياة  ومباهجها عبر قصة ( من على الجسر)  ص  10إذ  يذكر : هاتفه :

إن ثمة وسيلة مُثلى ،

أجابه : ليس سوى من على الجسر،

حيث لا عظم يتهشم ،

ولا لحم يتمزق.

هناك وهما يتعكزان نحو اللقاء،

يفاجآن بالشباب وبالسيارات،

يملأون رصيفي الجسر،

كل يغني أو يرقص،

وكل يهز أو يطلق الأبواق،

فيستخفهما طرب صريح،

ويغمرهما خطوة إثر خطوة في الجموع ،

حتى يتساقط مابين أيديهما تحت الأقدام

وإذ يسبحان في عرق الرقص والغناء والتصفيق،

يكفّان..ثم ينسلان كلّ إلى بيته،

هذا دونما عصا وذاك دونما عكّاز.

أو يختصر القص مرة أخرى ليعيدنا لحالة غريبة وحزينة من الزهد والفقدان حين يذكر في قصته “ زيادة عن اللزوم”  ص 60:

بيضة مسلوقة،

أو مقلية بزيت قليل، وخبزة شعير جافة،

إستكان شاي مُرّ ، ولا شيء من خاطر قديم،

أو شهية سابقة، بعدكِ، صار كل شيء،

زائدا عن اللزوم

هي إذن لعبة الحياة والموت بقلم كاتب حاذق يصطاد لنا أجلّ مفردات مفاجآت الفرح والألم ، القسوة والمرح ، في متناقضات شرسة نعيشها كل يوم ولم ننتبه لها ولو للحظة.

لابد من التذكير أن هذه المجموعة هي التاسعة في رصيد الكاتب بسرده البهي الجميل ، فضلا عن أعماله الأخرى في القصة القصيرة والرواية وقصص الأطفال.