اخر الاخبار

عادة الطيران التي لا أملّها

أنا، وهذا سري الصغير، مغرمٌ منذ طفولتي بالطيران.

الطيران عندي متعةٌ لا أملّها.

الوقت فجراً، فجر صيفي على الدوام، في غرفة ببيتنا القديم، دائما في بيتنا القديم. أقفز قليلا في مكاني ثم أعلو، أفارق البلاط البارد، وأدور مثل فقاعة، ألامس السقف بيدي واقول لنفسي:

-يا الهي ما أسهل الأمر!

واقول:

-لا ليس حلما. معجزة؟ ربما،  لكن ليس حلما.

وأطبق أجفاني بقوةٍ. أضحك وأضحك وأضحك وأزقزق كعصفور دوري

لكنني لخيبتي.. أفيق!

وفي صحوتي أردد كل يوم:

-متى ينفتح هذا السقف؟ متى أضيعُ بين الغيوم؟

رافع القبعات

انتهى حفل التوقيع الذي تخللته قراءة الشاعر “الكبير” لعدد من قصائده الجديدة فتقدم منه شاعر “كبير” آخر وصافحه بحرارة بيده اليمنى بينما احتضن باليسرى مجموعة من الكتب المهداة التي حرص على أن يتصدرهاالامضاء والاهداء المعتادين اللذين احتلا الصفحة الأولى بأكملها.

طلب من زميل ثالث (شاعر كبير أيضا) أن يلتقط لهما صورة بالمناسبة وقال:

-أنا في الحقيقة فوجئت بروعة هذه القصائد. إنها تذكرني بقصائد السياب والجواهري وبودلير(نطقها بكسر الدال) أنا أرفع قبعتي احتراما لك!

عنما عاد إلى البيت ألقى الكتب تحت إحدى المنضدات وفتح حاسبته ودخل الي الفيسبوك وكتب:

-لماذا يصر بعض الأشخاص على اعتبار أنفسهم شعراء ويطبعون مجموعاتهم الشعرية ويقيمون حفلات التوزيع والاهداء وهم لا يمتلكون شيئا من الأدوات الشعرية؟!

مدينة العقلاء الأربعة

أية مصادفة! في دقيقة واحدة، وخلال مئة متر من طريقي للعمل، صادفت أربعة عقلاء.

أولهم كان يقتعد الأرض وأمامه طاسة للتسول وجهاز تسجيل يضج بأغاني الأعراس، وهو يضحك ويغني ويلتهم النساء بعينيه.

كان الثاني يمسك قلما وعلبة سجائر، وهو يوقع عليها ويوقع حتى ينفد الحبر أو تتهرأ العلبة، فيخرج قلما جديدا أو يلتقط علبة من الأرض.

كان الثالث شابا ملتحيا وسيما مفتول العضلات، يرتدي لباسا داخليا فوق بنطاله الجينز، ويسير في عرض الشارع غير عابئ بمنبهات السيارات.

لكن الرابع (الشيخ السبعيني) لم تكن تبدو عليه من علامات العقل غير جمود وجهه ومعطفه الثقيل في ذلك الحر الخانق.

-يا الهي ! (قلت لنفسي) أليس في هذه المدينة ذات الملايين العديدة غير هؤلاء العقلاء الأربعة؟

عرض مقالات: