اخر الاخبار

تحمست كثيراً لمقترح الجمعية العراقية لدعم الثقافة لإقامة جلسة مكرسة عن العلم العراقي ، وقادني هذا الانشغال المستعاد ، والذي مضى عليه وقت طويل ، لكن احتدام سردياته ظلت حاضرة ويقظة في الحضور الثقافي وتبادلات العناصر الفكرية في الحضارة والسعي للامساك بتكونات اللحظات البدئية الاولى ، ذات العلاقة مع العتبات المضيئة التي قادت فيها الالهة الام التكونات الثقافية والدينية والزراعية ومراقبة التبادل بين الجماعات وتحفزت لتفعيل ذاكراتي بالذي محفوظ بمكتبتي عن الدال الجوهري على الهوية الوطنية وسيادتها واستمرار ترددات الشعر الايقاع السحري كما اطلق عليه المفكر والناقد سهيل سامي نادر . ومعروف بأن ديمومة الفاعلية السحرية التي يتمظهر عنها الشعر باستمرار متأتية من احلام البقاء والقوة والانتصار على الجماعات او القبائل التي انتشرت وسط جغرافية لم تتعطل عن التاريخ ، بل ابتدأت بابتكار مرويات لان الجغرافية لن يتمكن من حفظ ما ابتكرته الاجيال الا عن طريق السرديات ومن هنا قال هوبي بابا السرد مرآة الامة . ولهذه الاهمية تصاعدت باستمرار تخيلات الجماعة وابتكرت الرموز البدئية ، حتى صارت الخزان الحلمي المبكر للهوية وتكريسها وضخها بكل الفواعل المنشطة حتى تحولت نوعاً من الحضور المادي والثقافي الذي استدعى كثيراً من الجدل والصراع والتقابل ، وحازت الهويات الوطنية نوعا من الديمومة والعمل على تقدسيها واهتمام العلوم الانسانية بها ونشوء درس فلسفي جديد خاص بالمخيال؛ انتج اسماء ثقافية واجتماعية بارزة ، حتى قاد علم الاجتماع ثقافة التخييل وتبلور له مفاعيل معرفية اجد ضرورة للإشارة الى ندكت اندرسن وفانون . قدماً ما جعل من التاريخ تمظهرات الهوية وتعريف وطني لدور الجغرافية التي ظلت وسط صراعات قوية ، ساهمت بدور الافراد والجماعات الجوهري لابتكار الرموز / العلامات / الاشارات والتي ساهمت باللحظات الحضارية البدئية بانتاج اللغة التي اكد على دورها الرمزي المتجوهر في الحضارة ولعبت مكوناته البدئية دوراً بترصين الثقافة والفن ، حتى تشكلت العديد من البنى الذهنية التي اقترنت بفلسفة العقل ، حتى تصاعدت الشبكات الرمزية في اللغة ، الفن ، الطقوس ــ السياسية .

ومعاينة الرموز المكونة للأعلام سنكتشف منتوجات الجغرافية التي كرستها الجماعات عبر لحظات الامن والصراع ، لذا كان اللون الابيض دالاً على الاموية والاسود على العباسيين وظل حضور دالات الثورة العربية التي كانت وستظل الحنين للسرديات ، لكن الدرس السوسيولوجي والثقافي لم يقدم كشوفاً لما يعنيه الاحمر والاخضر . وتساءلت اثناء مقاربتي في الجلسة التي اقيمت في الاتحاد العام للأدباء مؤخراً، لكن العديد من الفنانين الذين حضروا وساهموا بالاغناء الثقافي والفني . لكني وبعد فتح منافذ الذاكرة والتشارك مع الخزان الثقافي ، برزت الثقافة الامومية التي ابتدأت العلاقة بالأرض التي تعمقت اموميتها / انثويتها والتي خصبها الاله آنو وصعد الانبعاث واكتست الارض بخضرة مزدهية والتداخل بين الخضرة والام وفر ضرورات الحضور الصياني لحماية الارض ومن هنا تبلورت عناصر البنية الذهنية الاسطورية التي لم تغادر بدئيات الجدل والصراع والتناحر . اما اللون الاحمر فهو فيوض الصراع وسيولة الاجساد اثناء المعارك واحتل هذا اللون تجوهرات معرفية لم تتغذى ثقافية في تداولات الفنانين التي كشفت تباينات الثقافة والعناصر التصميمية السيميائية وفي مثل هذه الحالات يلوذ الفنان بالامكانات السحرية للشعر ويخفف الانكسارات بالتصاميم . ذات المعنى الضعيف .

انا اعتقد بأهمية المعنى الرمزي للون الابيض فتعدد الدلالات واقواها الذهاب نحو السلم والاطمئنان والهروب من الحروب واشار الاستاذ سهيل سامي الى ان الترك تعاملوا كثيراً مع الهلال حيث تكرس بوصفه امتداداً تركياً في فلسفة الحضارة والترك عن طريق تداوله امتداداً له مع القمر . لكن علينا ان نؤكد بأن القمر نتاج البنية الذهنية الاسطورية السومرية . حيث كرسته الام الكبرى .

لكن القمر لم ينجح بإنتاج تفرعات ثقافية مهمة باستثناء استولادات الاسلام له عبر رمضان / والعيد . لكن الاسلام لم يفلت من ضغظ الكولونيالية من خلال رمزية القمر . وواضح بان كثرة الرموز الموظفة بالاعلام لا تجعلنا نتجاهل ما تعنيه الطبيعة في انتاجها للرموز كما قال الاستاذ سهيل سامي نادر .

وكشفت النماذج التي تسارعت امامنا على دور المصمم الموزع بين الواقعي / المتخيل وموضوعية المحفوظ بالذاكرة / الخزان الهوياتي ، واستعادة الطقوس والميثولوجيات .

اكد الفيلسوف ارنست كاسيرر على الرموز متحركة وغير ثابتة لكنها منتجة لتنوع دلالي وهذا يتطلب تحريك للمعاني الممكن تطويعها من قبل الفنان .

من هنا استطيع ان اقول بأن خزان الرموز العراقية اوسع ، لكنه يحتاج لمصمم ذكي غزير الثقافة وممتلك طاقة وقدرة على تلمس الحيوات الكامنة في الرموز .

ان الدولة ما زالت وسط ضغوط اجتما ــ سياسية والثقافة تعيش ارتباكات وتفككات وهذه لا توفر فرصاً لابتكار علم وشعار للجمهورية .

ان الذي قامت به الجمعية العراقية لدعم الثقافة مثير للاهتمام وما انتجه جوهري وكبير .

 

عرض مقالات: