اخر الاخبار

يشكل الراحل الفنان سالم الدباغ ١٩٤١- ٢٠٢٢ مع جيله الأخاذ بنصوع تجربته في سباق محموم مع الزمن وهم في قمة الشباب وحيويته فضلا عن التميز منذ العروض الاولى وتجاوز الرسم الواقعي بحرفيته الجامدة القابلة للتقليد لذا عرف بأنه رسام تجريدي في مغامرة عراقية مع مجموعة “المجددين” عام ١٩٦٥حيث تألفت جماعة المجددين من علي طالب وصالح الجميعي وطالب مكي ونداء كاظم وفائق حسن وصبحي الجرجفجي وطاهر جميل، شاركوا في  معرض الجماعة الأول على  المتحف الوطني للفن الحديث في بغداد. ثم انضم إليهم في السنة التالية كل من عامر العبيدي وخالد النائب وإبراهيم زاير بجماعة المجددين وشاركوا في المعرض الجماعي الثاني في جمعية الفنانين العراقيين في بغداد. وكانت المجموعة تلاحق الاوضاع السياسية وتعلن موقفها من  نكسة حزيران 1967، حيث شاركت مجموعة المجددين في معرض جماعي للملصقات السياسية بعنوان “مقاومة”  وأعلنوا “انتفاضة” ضد ما أسموه بـ “التقاليد والمفاهيم القديمة”. وفي سنة 1966، نال الدباغ جائزة الشرف من معرض لايبزغ الدولي لفن الأكريليك، في ألمانيا. وفي 1967، كان من بين ثلاثة فنانين عراقيين، إلى جانب هاشم سمرجي ورافع الناصري، اختارتهم جمعية الفنانين العراقيين للحصول على منحة دراسية قدمتها مؤسسة كولبنكيان من أجل متابعة الدراسة في الجرافيك (الحفر)، في محترف غرافورا لشبونة، البرتغال.

سالم الدباغ، الرسام والفنان الجرافيكي المعروف، هو من جيل الفنانين الذين أثروا في تطوّر حركات الفن الحديث في العراق منذ منتصف الستينيات. ولد سنة 1941 ونشأ في الموصل، و درس من 1958 إلى 1961 في معهد الفنون الجميلة/ بغداد، حيث تدرّب على أيدي فنانين عراقيين حداثيين مرموقين، منهم جواد سليم وفائق حسن وإسماعيل الشيخلي وخالد الرحال. بعد حصوله على شهادة الرسم من المعهد، تابع الدباغ تحصيله الفني في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد من عام 1961 إلى 1965 حيث كان من أعضاء دفعة التخرج الأولى. كانت هذه الأكاديمية تضم فنانين حداثيين هما رومان ارتموفسكي من بولندا الذي كان يدرس الحفر والطباعة الفنية، وبوركو لازسكي من يوغوسلافيا، المعروف بلوحاته الجدارية. على الرغم من تدرّبه على التقنيات الفنية الكلاسيكية والواقعية البحتة، تجلت رغبة الدباغ وعدد من زملائه الطلاب في محاولات أولية جريئة لتجريب التراكيب شبه الهندسية والتجريد الفني.

امتاز الدباغ بالمغامرة في تبنيه الفن التجريدي على وفق التراكيب الهندسية مستفيدا من عمق تجربته في فن الكرافيك مع رافع الناصري وهاشم سمرجي وعرضوا لوحاتهم خارج العراق عام ١٩٦٨ في البرتغال وكذلك عام ١٩٧١.لقد كان واحدا ممن شكل علامة في فن الكرافيك العراقي قد مهد لرسوخ هذا الفن في العراق عبر المعارض في جمعية التشكيليين بالعراق وفي يوغسلافيا عام ١٩٦٩.

استلهم الفنان سالم الدباغ من بيئته المعاشة الخيام وبيت الشعر والنساء اللواتي ينسجن تلك الخيام وبدأ مسحورا بالأسود والأبيض وهي الوان الكرافيك ثم ذهب نحو الألوان وإن ظهرت في لوحته وفق النظام الإشاري للون بخطوط مقتصدة تفاجئ عين المشاهد وكأنها كيان دخيل يحاول اختراق الاسود والابيض لإثبات وجوده.

واستطاع الدباغ في سنة ٢٠٠٠ ان يواصل أعماله في الخليج مع مجموعة من الرواد في الفن التشكيلي العراقي من خلال معرض “قرن من الفن الحديث” الذي أقامه  المتحف العربي للفن الحديث، في الدوحة، قطر، عام 2010. برزت أعمال الدباغ في العديد من المعارض والتظاهرات الفنية العالمية، بما فيها معرض “الفن العراقي المعاصر” في دبي سنة 2008، كما أقام العديد من المعارض الفردية في بغداد بين سنتي 1995 و1998.

عمل الدباغ أستاذاً للفن والجرافيك وترأس قسم الجرافيك في معهد الفنون الجميلة / بغداد من عام 1971 حتى 2000. عمل بعد ذلك خبيراً فنياً في دار الأزياء العراقية.

رحل في الغربة بين عمان الاردن واميركا تاركا ارثا مميزا يستحق التوثيق والاشادة عبر دراسات معمقة لفنه العميق والثري.

عرض مقالات: