اخر الاخبار

إنفردَ مسلسل(العدلين) بحلقاتِهِ التسع وهو من تأليف(غرفة الكتابة) وإخراج: حسن حسني، من بين أعمال ماراثون رمضان الدرامي لهذا العام بتبنّي موضوع تظاهرات تشرين الشعبية وحددَّ زمانَهُ الدرامي بالأيام القليلة التي سبقتْ تجدّد هذه التظاهرات وإنطلاقها بموجة جديدة يوم 25/10/ 2019.

ويتحرك المسلسل درامياً من خلال رصد ظاهرة إستهداف المتظاهرين والناشطين المدنيين وحملات التصفية الجسدية ضدهم وذلك بواسطة الكشف عن(قوائم الإغتيالات) التي أعدَّتْها بعض الجهات المتنفذة، ويتم، هنا،إستخدام الرمز أو الدلالة المعنوية بالإشارة إلى أحد الأحزاب الماسكة بالسلطة وهو (حزب الهوية العراقية) وشخصية رئيس الحزب(الحجي -عبد الرحمن) (عبد الستار البصري) بما عُرِفَ عن هذه الصفة من تداول وشيوع داخل الأوساط السياسية.

في السرد الدرامي يتم عرض الأحداث وتسلسلها والتعليق عليها من خلال شخصية الراوي العليم (أسد) (غالب جواد) حيث يبدأ التعريف بالشخصيات وتبيان مواقفها ورسم ملامحها العامة.

ففي داخل منظومة ذلك الحزب تجد عدة أطراف وشخصيات تعيش النزاع والإختلاف في الرؤى ووجهات النظر إزاء موضوع شباب التظاهرات والموقف منها،حيث نجد (أسد) يجازف بحياتِهِ ومنصبِهِ وموقعِهِ في الحزب ويساعدُهُ في ذلك (سديد) (حسن هادي) ويعملان على إنقاذ مجموعة من شباب التظاهرات وهم (حنين) (زينة الدليمي) و(مروة) (زمن علي) و(آية) (مينا نور الدين) وأبيها(كامل) (باسم البغدادي)و(سامر) (عبد الله فيروز)... إنقاذ هؤلاء الشباب من عمليات الإستهداف والتصفية الجسدية بإخفائهم داخل مقر الحزب نفسه، ويقف على الضد منذ ذلك(داود) (طه المشهداني)رئيس اللجنة الأمنية في الحزب بشخصيتِهِ الصارمة وسلاحه المرفوع بوجه الآخرين وإستعداده لإرتكاب عمليات القتل ضد أقرب الناس إليه داخل الحزب.

صاغَ المسلسل صراعَهُ بين كتلة المتظاهرين من جهة،ومنظومة الحزب المتنفذ حيث ظَهَرَتْ في الأخيرة شخصية (الحجي) بمواصفات وملامح شخصية ورعة ،وتقية ،يردد الآيات القرانية ويؤمُّ أعضاء الحزب في الصلاة، ويبدو ظاهرياً انه يتخذها منهاج حياة وإسلوب تفكير ، لكنّهُ في الجانب الآخر من شخصيتِهِ يبقى غاضباً وناقماً لأن المتظاهرين الشباب وضعوا صورته تحت الأقدام في ساحة التحرير، ويصبُّ جامَ غضبِهِ على وسائل التواصل الإجتماعي ويُحمُّلها مسؤولية ما يحدث نتيجة لشيوعها وتداولها بين الشباب.

يستحضر المسلسل شخصية الشهيد (صفاء السراي) أيقونة شهداء ساحة التحرير ويتمُّ تجسيده وظهوره بإعتباره أحد المستهدفين الواردة أسماؤهم في قوائم الإغتيالات، وينتصر للتظاهرات وينحاز إليها ويقف إلى جانبها ويُعوّلُ عليها في إحداث التغيير المطلوب وذلك من خلال نجاح عملية إنقاذ مجموعة الشباب المتظاهرين وإندلاع التظاهرات وزيادة وتيرة المشاركة الجماهيرية فيها من جديد ومحاصرة الجماهير الغاضبة لمقر الحزب.

في الإخراج قدَّمَ المخرج القدير:حسن حسني في (العدلين) نموذجاً إخراجياً حيوياً ومتدفقاً من حيث الإيقاع وشد الأحداث وتقديم الشخصيات من خلال حسن إختيار الممثلين وإدارته الفنية لادائهم ليقدَّمَ في الحصيلة الأخيرة إنجازاً فنياً متمكناً يحافظ  فيه على مكانته الفنية في مقدمة مخرجي الدراما لدينا.

في الأداء التمثيلي لايسعنا إلاّ الاعجاب والتقدير لهذه الوجوه الشابة التي وإن قدَّمها المسلسل لأول مرة على الشاشة إلاّ أنها بدتْ لنا وكأنها –بفضل قيادة المخرج لها – قد تمرّستْ في التمثيل وأكتسبتْ الخبرة والتجربة  الفنية الناضجة،أما مجموعة الممثلين مثل الممثل القدير(عبد الستار البصري) بإدائه المُعتّق بخبرة السنين و(غالب جواد) بإدائه الهادئ الرصين الذي إشتغل على دواخل شخصية (أسد) وإنفعاله الداخلي المضغوط، و(حسن هادي) بإدائه الحيوي المتحرك والمنفعل و(طه المشهداني) ببصمة أدائه المميزة و(أسعد الهلالي) بحضوره المتمكن، فقد كانوا رائعين بحق بإنماط  مختلفة من الأداء والتجسيد لكنهم حازوا درجة الاقناع والتأثير.

عرض مقالات: