اخر الاخبار

الى/ نوحنا د. عبد الامير الحمداني*

لم يكن نوحٌ

معنا/

حين آنكسر الطوفانُ./

ولا الحمامةُ/

فقد اصطادتها

 اشواكُ شجرةِ العاقول/

ولا الجوديُّ

فقد ظلّ على لهوِه يربتُ على ظهرِ الحوت/،

ويعاقر الريحَ في كهوفِ خمرتِه/

وهو يهمسُ الى الماء:

أيا أبتِ أيا أمّي/

أيا أخي وخلّي/

أيا صديقي/

إهدأْ

إهدأْ/

فلا السفينةُ نَعَسَتْ/

ولا الموتُ حطّم أضلاعَها

ولاالنجومُ هجّرها القمرّ الى المحاق./

ولاالشمسُ تجري الى غيرِ مستقرِها./

والحمامةُ سُجِنتْ في عشّ الغراب  /

وانت ما زلتَ توصينا،

وتلقنُنا ادعيةَ النجاةِ/ وطردَ الغفلةِ والنسيانِ/

وها انت تغادرُنا الى الفراغِ/

لقنصِ بيوضِ الحمامةِ من عشِّ الغراب./

وبعد حينٍ

 وحينٍ

 وحين/

وبعد أمّةٍ/

مَسَكَتْنا صخرةٌ

 في جبلِ( بابل)/

 كان ظلّها يهذي

فقد غطّى الغزاةُ رؤوسَ نخيلنا،

بدخانِ سيكاراتهم./

وثلموا راسَ الاسدِ بشظايا كؤوسهم/

وما زال( مردوخُ) يرقصُ

ويثرثرُ

 حتّى تبلبلتِ الألسنِ/

-أرايتَ ظلّا يهذي

أو صخرةً تبكي؟!/

كان الغرباءُ ذوو العيون الزرق.

والزنوجُ.

والحمرُ

والصفرُ

والعماليقُ

وذوو اللحى والرايات

قد ملأوا أسوارَ (بابلَ)/ بأهازيجهم/

وهتافاتهم/

ودويِّ ديناصوراتهم الحديدية/

وهم يلوثون بابَ (عشتار)/

بروثِ ديناصوراتهم  الحديديّة

وهم يسعَونَ لمحوِ ظلالِها/

وظلالُها

تتخفّى في أزقةِ

الحلّةِ/

 وبين قبورِها/

ومساجدِها/

 ومعابدِها /

وجنائنِها/

وملائكتٍها اللابدين في آبارِها./

أرأيتَ ظلالا تذوبُ في ظلالٍ حذرِ الموت؟!

ومن بعيدٍ

كان (نوحُ) شاهرا سيفَه الخشبيَّ/

طاعنا الهواءَ به/

ولاعِنا (هاروتَ وماروتَ)/

بعد أن أنشدا

صحيفةَ (الغيابُ في سحرِ العذاب)/

نكايةً ب(طوق الحمامةِ)/

و بالباهِ/

 بالشبقِ /

والعشقِ/

بالهوى/

 بالهيامِ/

وكانتْ دلاؤنا تستجدي الدموعَ لتسقيَ آبارَ أحزانِنا/

دلوا رثّا/

بعد ان إزدردَها صِبْيَةُ(آنو)/

وهم يعلمون العميانَ أسرارَ الشموس/

وآهاتِ الأراملِ/

في قيامةِ الطلقِ،/

وتهاليلَ السحرةِ في الزواج القدّس/

الفُ الفُ صبيٍّ أسمَوهُ (نوحا) كانوا هنا معنا

ولم يكنْ معنا( نوحُنا) /فهات  لي :ايها الربانُ جفنةً من طمي( الفرات )/ وحفنةً من دمِ(نابو)/

لأُولمَ للشهداءِ مائدةَ النبوؤات/ وهم يقادون  الى ساحات الاعدام/

-اين نوحٌ؟!/

-لم يكن معنا/

-أكان معنا؟!/

-هو فيهم وليس منهم/

ايها الحارس ياشقيقَ (النوحيين)/

هات لي دمعةَ ظبيٍ من بستانِ (قريش)

أضحيةَ(تموز) القتيل/

وياايّها الفلاحُ:

 هاتَ لي ماء/

إحفظْ سرّي، ففسيلةُ نخلتِنا تموتُ/دموع ُ امهاتنا ما عادتْ تكفي لسقائها/فكيف أعلّمُ اولادي بثّ روحي؟!/

والملحُ تاريخُ وطنٍ وجغرافيا خرابٍ /

أو عفوا لافرقَ. ./

.لقد كشف الانكشاريون اسرار.َ بلادي في (كربلاء)/

ونوحٌ /الفُ الفُ نوحٍ لم يكن معنا/ فمن ذا الراكبُ سدرةَ المنتهى في شارع (الموكب)  إذن ؟!/

لا، لا، لا./

نوحُنا ليس معنا/لا اسدَ في ساحة الاحتفالات /لا مزاميرَ/

لا طبولَ/

لا اصناجَ/

لا ربابةَ/

ولا..../

الفراتُ إفترعه البداةُ في عامِ( الرمادة)/

فمن كان معنا إذن؟!/

ونوحُنا أغرقَه اليمُّ قبلَ الخروج/

من كان معنا إذن؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الخبير الآثاري ووزير الثقافة العراقي السابق، الذي توفي مؤخراً.

عرض مقالات: