اخر الاخبار

كان د. نائل حنون وما زال مثيراً للاهتمام بالقراءة التي قدمها للنصوص المسمارية والمترجمة عن السومرية والأكدية. وظل حتى الآن شاغلاً للمثقفين المعنيين بالحضارة العراقية القديمة والنصوص مثل ملحمة جلجامش وموت جلجامش وأسطورة الخليقة البابلية وشريعة حمورابي.

درس د. نائل حنون حقيقة السومريين بوصفهم السؤال الخطأ والحقيقة المجهولة كما اقترح الباحث وبهذه المحاولة ذهب العالم المعروف د. نائل نحو مخفيات الوجود السومري والصراعات التي عرفها العراق القديم، حيث كان ابتكار الكتابة في بلاد الرافدين القديمة أواخر الألف الرابع قبل الميلاد. استمر توظيف الخط المسماري في تدوين اللغتين السومرية والأكدية. وهناك لغات أخرى استعارت الخط المسماري خلال ما يقارب ثلاثة آلاف عام. لكن بعد فترة طويلة جداً، تحول الخط المسماري الى أحد أسرار الحضارات القديمة على الرغم من أنه وسيلتها الأولى في التدوين ولكن الجهد العلمي تمكن من تقديم اقتراحات انطوت على حلول للمسماري. ووسط الانشغال بعد اكتشاف اللغة السومرية. وأضاء الباحث جانباً حيوياً حول حقيقة السومريين وأطلق عليها الباحث النظرية السائدة عن السومريين واختراع الكتابة. واتفق عدد من المختصين على ان وجود السومريين في جنوب العراق خلال الالف الثالث قبل الميلاد استند على انتشار اللغة السومرية وأيد عديد من العلماء هذه الفرضية التي أكدت اختراع اللغة من قبل السومريين في عصر مدينة أوروك. وحصل انتقال من المرحلة الصورية الى الكتابة المقطعية في فترة 2800 قبل الميلاد وأضاء هذا التحول على ان السومرية هي وسيلة التدوين والتي اكتشفت في موقع مدينة اور. وقال د. نائل حنون مع حذره على نظام الكتابة المسمارية الأول قد ابتكر لتدوين احتياجات بسيطة يومية، ذات وظائف واقعية لها علاقة بالتبادل والاستلام والتسليم ووظف لاحقا لتدوين اللغة التي عرفت بالسومرية وشيوع تكريس السومرية أوجد تجاوراً وتوافقاً مكن من تدوين اللغة الاكدية عبر هذا النظام الكتابي في فترة منتصف الالف الثالث قبل الميلاد.

ذكر عدد من العلماء بأنه لا يمكن للمسمارية ان تلاءم كل الاصوات التي وجدها المختصون باللغة السومرية. وهذا الرأي الجديد مختلف نسبياً عن الرأي الذي قال به العالم المعروف صموئيل نوح كريمر، لكنه يثير العديد من الاسئلة المفتقرة للأجوبة المنطقية، والمقبولة، في ظل الاعتقاد بابتكار السومريين للكتابة واقتباسها من قبل الاكديين لاحقاً.

أسهب العالم نائل حنون كثيراً في الحديث عن عدم وجود شعب سومري تسلل داخلاً وسط العراق القديم ورسم وجوداً ظاهراً في التركيبة السكانية وهي مستمرة من عصور ما قبل التاريخ وكانت قادرة على احتواء جماعات عرقية تأتي الى جغرافية التواجد منذ العصور الاولى. وأكد د. نائل بعدم وجود دليل قاطع على وجود السومريين وعلى دورهم في البناء الحضاري وتسيّدت كثير من البحوث بالتشكيك بصحة ما تم ذكره ولم يكن دليل دال على ذلك سوى تداول اللغة السومرية. وهي القوة التي وقفت ضدها البحوث السابقة واللغة موجودة وانكار وجودها اقترح آراء خاطئة اقترحتها دراسات القرن التاسع عشر التي تمكنت من اقتراح عتبات صحيحة. لكنها لم تستمر عبر بناء ثقافي رصين المنهج، مثلما البدايات التي اهتمت باللغة السومرية.

أكد د. نائل حنون على ان ابتكار اللغة السومرية نتاج تاريخ طويل جداً منذ عصور ما قبل التاريخ “ وعلى الرغم من كل ذلك التراكم الحضاري لم يكن في حدود التصور استنباط وسيلة التثبيت ـــــ بالتدوين ــــ لغة ناضجة معقدة وغنية بمفرداتها وتصاريفها وتعابيرها ومعانيها المجردة وتراكيبها اللغوية وقواعدها، مثل اللغة الأكدية، على الألواح التي تحفظ على مر الزمن. وتنقل عبر المكان. وكان من الممكن أن تتعرض كل محاولة للوصول الى تحقيق ذلك الى الاخفاق. فالتصور الفعل الواحد باللغة الأكدية ثلاثي المصدر، ناهيك عن الفعل المعتل مثل كتم ويفكر المرء قبل اختراع الكتابة بتدوينه بكل تصاريفه وبحسب أشخاص الفاعل [ كتم، يكتم، يكتمه، يكتمها، يكتمهم، يكتمك، يكتمنا، يكتمني.... الخ ] حتى تعرف صعوبة ايجاد طريقة لتدوينه، وهكذا الحال فيما يخص الأسماء أيضاً، إذ أنها تعرب وتثنى وتجمع وتؤنث، وكان الحل العبقري لتجاوز هذه الصعوبات تقنين لغة موضوعة قابلة للكتابة ليبدأ بها التدوين الذي بدأ بتسجيل الحسابات. فلقد كان هذا الاختراع العظيم أساساً لتلبية الاحتياجات العملية من قروض وتسلم وتسليم الاشياء ./ د. نائل حنون / حقيقة السومريين / دار الزمان / دمشق / 2007 / ص42.

يتوجب تطوير الكتابة الأولى حتى تكون ملائمة لتدوين الكلام، فكان الابتكار المهم الثاني في تاريخ التدوين، وهو الكتابة المقطعية. ولغاية هذا التطور والامر لا يحتاج الى وجود سومريين ليفكروا به او لينجزوه.

عرض مقالات: