اخر الاخبار

1_ ملهى..

من يوم تفتحت ذكورتي في سن الثامنة عشر وأنا أحب إرتياد الملاهي، أعشق الموسيقى والراقصات حيث تتكسر أجسادهن المرمرية على أنغام الموسيقى، لم أترك هذه العادة حتى حين تزوجت وأصبح لدي أبناء وبنات، كنت أشعر بالسعادة المفرطة وأنا أنهي يومي المتعب بملاحقة الراقصات ليلا وهن يتبارزن في إظهار مفاتن أجسادهن أو يختمن ليل السهر بمشاركتي شرابي على مائدتي التي يركنها صاحب الحانة لي في زاوية دامسة. لم تعترض عائلتي على ولعي بالملاهي فقد كنت أبذل لها إهتماما مضاعفا والبي ما يطلبونه وأكثر فكانوا في دواخل أنفسهم يقولون دعه يتسلى مادام البيت قائما وعامرا. لكن ومن مساوىء الصدف أن تعرفت ، منذ سنين، على راقصة في الملهى متبرجة، جمالها صناعي عملته من كل مساحيق التجميل في العالم، سلبت لبي ووقعت أسيرا في شباك هواها..سألتها في أول لقاء لنا ..

_ ما أسمك..؟

_ أمريكا..

قلت متعجبا..

_ امريكا..! يا لمحاسن الصدف..

من أطلق عليها هذا التسمية هل أبواها..؟ أنا على يقين بأنها بلا أصل، أو منحها إياه صاحب الملهى مكتشفها. لكن كل ما جرى لي، وأنا لم يهتز عرشي منذ قرون أنها افلستني، أبنائي وبناتي يتسلون في الشوارع، زوجتي تبيع الهوى مقابل ما يسد جوعها الصارخ..وقفت أمامها باكيا..

_ لِمَ عملت بي هكذا..؟

أجابت وقد لحنت كلامها بضحكة داعرة..

_ ألم تسمع عني..؟ من يضع يده بيدي يبقى عاريا وأن تستر بأستار الدنيا كلها..

المشكلة أني وحيد ومنهار الآن، المصيبة أنها سدت منافذ تفكيري وما زلت حد اللحظة أعتقد أنها حريتي وخلاصي..

2_ بوح..

كان يراقبها كل يوم، منذ قرابة السنة، حين تخرج من المصرف الحكومي دائرتها. يقف في موقف المصلحة القريب، ترافقها نظراته من لحظة خروجها من باب المصرف تتصلب لها قامتها الطويلة، تشعر بسهام لحظه وهي تنغرس في جسدها البض، يتأملها وهي تنقر بكعبها العالي درجات المصرف المرمرية الى أن تستقر بالقرب منه، على بعد نفحة من أنفاسه، عيناه تغفوان في النهاية على خطوط وجهها الحنطي الجميل. ما أحزنها هو تردده في الحديث معها وسفح أشجانه على مسامعها، عيناها إعتادتا أناقته المتغيرة كل يوم، كانت ذائقته ملفتة للنظر وهو يجانس بدلاته مع قمصانه الملونة وأربطة العنق الجذابة. تحمل كل يوم خيبتها وهي تصعد باص المصلحة وتجلس قرب النافذة ليتبادلا طيفي إبتسامتين يأخذها كل منهما متاعا ليوم جديد قادم مع تأشيرة يد منه تتوسدها في أحلامها الوردية التي اكتظت بها مناماتها طيلة العام. قررت في يوم، بعد أن يأست من مبادرته، أن تكلمه وتفتح طريقا جديدا في واحة الحب التي إخضرت بهما. وقفت أمامه وأمطرته بوابل من الكلام الندي المعسول والمغسول بماء الوجد والشوق. لم ينفذ كلامها من طبلتي أذنيه ولم يتمرن لسانه النطق، إتسعت عيناه وكادتا أن تخرجا من محجريهما، همهم بلغة الخرس المبهمة، تلون وجهه بشحوب الألم والفضيحة والهزيمة، هرب من أمامها وهو يجعر كنمر جريح..

عرض مقالات: