اخر الاخبار

1-

في كل مرة أسقي يباسَ الأرضِ بالتراتيل

أشعر بوجعٍ لا يُطاق من الأحزمة

في كل مرة أُطفئ النارَ بالريح

أُخبّئ سرعتَها في جيوب الأشجار

وأترك الخرائطَ حيثُ يشاءُ الماءُ

يُبلِّلُ أطرافَ الاحتراقِ في داخلنا

ويتركُ الرمادَ للعمر

ماذا يقولُ المتطايرُ من الزغاريد؟

وماذا خمّدت الأعاصيرُ تحت ألسنةِ الجنود؟

وماذا قالت النساءُ وهنَّ يلتحفنَ الأذرع

خشيةَ أصابع مشغولةٍ باللذة؟

وماذا قالت الأدعيةُ

وهي تُقذَفُ بالحقِّ

فلا يُمسكُ منها غيرُ شررٍ لا يظهرُ على شاشات الفضاء؟

في كل مرةٍ أختفي عن أنظاري

أتركُ البابَ مواربًا

كي يرى انتظاري كيفَ ينتفُ ريشَهُ بلا ضوء

يُبحلقُ في الوجوه، كي يسحبَ كلَّ الرؤيا

من تحت جلبابِ هذا العمر

أمّا أنت

فقد سرقتُ منك يومًا زرًّا في أعلى قميص النوم

وللآنَ، أحملُ حرائقي

كلّما عنَّ للحربِ أن تزيد من فتحات الباب

كي تدخل الريح

لتُنَشِّف اليباس

هي لوحةٌ خُطَّ عليها

ما كان للنار للريح

وما كان للريح للرماد

وما كان الرمادُ لجمرةٍ متخفيةٍ تحت ثوب الحُلم

حينها، نرتِّبُ أنَّ ما للماءِ للماءِ

فلا تنفخْ كثيرًا

لا نُحصي عدد الأنفاس

فالخلائقُ أبوابُ فتنةٍ دومًا

2-

النارُ احتواءٌ

أدخلُ فيها حيثُ لا أراني

أحترقُ مثلَ طفلٍ يلهو بالعبث

يضعُ السؤالَ حطبًا كي يتمرَّد الهسيسُ على الجهات

ولا ينتظرُ الجوابَ على شكلِ ثلج

فمصيرُه، بحسبِ جنونه، إلى غيمةٍ

سرقَها ذاتَ جنونٍ هارونُ الرشيد

النارُ افتعالُ خرائط

وحده العشقُ يبرِّرُ حضوره في الاشتعال

ولا ينفخُ في الصُّوَر

ولا يهفهفُ بجناحيه

فما تشيرُ له الحدودُ كخارطةِ حربٍ على رملٍ

أُخذَ من شاطئٍ غرَّرتْ به الأقدام

ينسجمُ في الفعل

حين تدنو منه جمرةٌ واحدةٌ

تلسعُ صورةً في الرماد

لتخرج رأسَها بشعرٍ يتماوج على جنح نسمة

أمَّا أنا

فأتبادلُ الأماكن

أراني جمرًا

تنفخُ على أضلعي

كي أشتعل حين ألمسُ ما يتورَّدُ من البساتين

ألتقطُ الثَّمر من بياضٍ

صار في النارِ أرجوحةَ عشق

ألوّن المساءَ دومًا

بكتاباتٍ على سررٍ

نضَّدتْ عرشها على نغم

أضماماتٍ تناسلت في القصيدة

3-

أقرأُ ما تيسّر لي من الجمر

أُخفي التوق إلى ما يعجبني من اليأس

فتأتي الطيور على أشكالها

ترفرف حول ما يخرج من رأس الرماد

فلا أبدأ بالتاريخ

ولا أُسطّر على اللسان ما قاله المؤرخون

ولا أسمع في البوح ما نَبَّه عنه الفقهاء

فالنارُ ناري، ولا يكتوي بها سواي

يقول لي ما يُحيطني من الشوك

ولا يدري أن لا أحدَ يشعر بالبرد سواي

أخبرهم أن الصوتَ نار

والصدى ريح

والظلُّ شجرةٌ وحيدةٌ، كلما انتظرتُ الكلمات

اتكأتُ على جذعها، وترتّب ما نزل عليَّ من الحنين

في لحظة، أتخيّلك أنت

يتمدد البياض على السرير

وذراعاك وسادةٌ وُضِعَ عليها كلّ الجمر

فكان دبيبَ العمر

أخرجني من ملاجئ الحرب

وكلما اهتزَّ جذعُ القصف فوق الملاجئ

رمتني النارُ باللذة في التجاعيد

فكنتَ وحدك نبيَّ هذا القلب

ومن يعلن وقف الحرب في البيانات

4-

حين انفخ

لا يعني أني أريد أإطفاء النار

أو ازيد من اشتعال الجمر

بل اريد ان يتصاعد الدحان ليشير الى احتراقي

أنا أول الموبوئين بالدفء

وآخر الماشين على الفراغ

وبين من يمشون على الجمر كي يغنوا على الام على صوت الناي

حين ألوّح باحتراقي

لا أشكو الرماد

أريد من الريح ان تهبني لحظة البذار

لتورد الأغاني من وجع الأضلاع

وأحسب ما يتوالد بين سعفتين في بساتين النخيل

وبين كروم تجمع لخمرة تشعل الداخل بالهتافات

وبين نهرين لا جرف لهما

سوى كل هذا الاشتعال

أما انت

فلك ما يشير الدخان في طيرانه

فلا ترمي عليه الحجر

وقيسي المسافة بين نظرة من عيني في الاحمرار

والرغبة أن تكون اللذة

أولها الاشتعال

وآخرها الرحيل

ولا تتركي للغربان شماتة الحروب