اخر الاخبار

لاشكّ أن الكتاب والمؤرخين أشبعوا صحافة الأحزاب الوطنية في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية درساً وتمحيصاً ، لكنني مع علمي بهذا آثرت أن أتناول صحافة الحزب الشيوعي العراقي ومواقفها من النضالات المطلبية للعمال. ففي أواخر العشرينيات توسعت المؤسسات الصناعية نتيجة إضافة مؤسسات جديدة، تتطلع لبناء وتشكيل نقابات مهنية تتبنى النضالات المطلبية للعمال ،وترعى حقوقهم المشروعة ،فتباينت مواقف الأحزاب الموجودة آنذاك من هذا الأمر ،من متحفظٍ الى معارض له ،لكن الحزب الشيوعي العراقي كان موقفه واضحاً ومتجلّياً ،حيث بادر الى دعم ورعاية الصحافة العمالية التي كانت في دور الظهور والتي منها ( مجلة العامل ، مجلة الصنائع، ومجلة نداء العامل )، ودعت جريدة "الشرارة" العمال الى تنظيم صفوفهم في نقابات تدافع عن حقوقهم ، كما انعكست على صفحاتها نضالات العمال ونشاطاتهم، وصارت تنشر أنباء الاضرابات العمالية كأضراب عمال الأحذية وعمال معامل الدقيق  ،وعمال المياه الغازية وعمال البرادة في معسكر الرشيد.

ونهجت جريدة القاعدة نهج جريدة الشرارة فدافعت عن حقوق العمال ،ووجهت نضالاتهم ورسمت لهم الطريق الذي يجب أن يسلكوه للحصول على حق التنظيم النقابي، والضغط على الحكومة في جميع المناسبات للاعتراف بهذا الحق . ووفقاً لما جاء في رسالة الماجستير الموسومة( الصحافة العراقية والحركة الوطنية ) التي تقدم بها الباحث الدكتور" قيس الياسري " الى كلية الأعلام في جامعة القاهرة والتي نال بها درجة الماجستير من الكلية المذكورة ،"ووقفت جريدة "القاعدة" الى جانب عمال السكك والميناء الذين تقدموا بطلب لتكوين نقاباتهم أوائل عام 1944.

وعندما أضرب عمال القاعدة الحربية في البصرة ( الشعيبة ) في 21\4\1955 كتبت جريدة "القاعدة" بعددها لشهر أيلول 1955 بأن ضابط المنطقة الفرعية لعمال السكك الحديدية في المعقل قام بطرد ما يقرب الثلاثين عاملاً دون أن يكون هناك أي سبب مع العلم أن هؤلاء العمال يعيلون كل واحد منهم عائلة قد قضوا زمناً طويلاً في العمل في هذه الدائرة .غير أن سبب الطرد غير خافٍ على العمال . ثم واصلت دعمها لقضية العمال وسائر فئات الشعب الأخرى بعد قيام الجمهورية من خلال ما كانت تنشره من مقالات إفتتاحية وكتابات تخص نضالات العمال المطلبية ، ومن أعمدة صحفية تصبّ في الموضوع ذاته ، فمن خلال ما دأبت عليه صحافة الحزب بعد الثورة ممثلة في "إتحاد الشعب" وصحف الحزب الأخرى التي كانت تصدر في فترات النضالات السرية ووصولاً لجريدة طريق الشعب التي تحتلّ فيها حياة العمال ومطاليبهم مساحة واسعة تتعدى الصفحة الكاملة أحياناً لتصل الى حدّ الصفحتين .

أنّ الجهد الكبير الذي كرّسه الحزب الشيوعي وصحفه الناطقة بلسانه لقضية العمال ومطالبهم وحقوقهم المشروعة كان ولايزال كبيراً وفاعلاً في نضالهم وتوحيد صفوفهم من أجل الفوز بتحقيق هذه المطالب والحقوق. كما أنّ صحافة الحزب دأبت التركيز على ضرورة رفع الوعي السياسي للعمال بوصفه السلاح الفعّال الذي يمكنهم من تحقيق طموحاتهم وحقوقهم الشرعية .

وكالعادة فانّ كل المواظبين على تتبع مواقف الحزب من نضالات الطبقة العاملة وسائر الشغيلة يلمسون دعمه عن طريق الاحتفال بالأول من أيار في كل عام باعتباره عيداً عالمياً لها، وما تنشره صحافتنا في أيّام هذا العيد من الدراسات والقصائد والمقالات الممجّدة للعمال وعيدهم إلاّ مؤشراً واضحاً على دعم الحزب ومؤازرته لنضالات هذه الطبقة المجيدة.