دخلت ذات يوم الى صرح ثقافي عريق.. فتاة صغيرة بحجمها، كبيرة بطموحاتها واضخم ما طمحت اليه هو ان تتعلم ثم تتعلم كانت تصغي الى الجميع كل من دخل الى هذا الصرح كان يحمل مصباح المعرفة ويستحق ان ينصت اليه لذا قررت هذه الفتاة ان تشحذ قلمها بما تتعلمه، دخلت مجال الصحافة كمتطوعة في جريدة "طريق الشعب" كنت أعتقد أن الصحفي الحر هو من يكتب بالمصداقية وكل من كان هناك كانت بذوره نقية ، اكثرت الاستماع لشعراء معروفين ومغمورين منهم: رشدي العامل، حميد الخاقاني، حسين الحسيني، حاولت ان انجز شيئا بين مجمع المثقفين الذين يشكل كل منهم صرحا ثقافيا شكك البعض في قدراتي فقد كنت خجولة ومتواضعة جدا ووجدت من ناصر قدراتي الشابة انذاك وكان من مناصري القدرات الشبابية الاستاذ رضا الظاهر والأستاذ حميد الخاقاني، وضعت يوما ما على المحك حين بدأت اساهم بتحرير صفحة المنوعات وانجزت حيزا جميلا للاطفال وكان سيناريو قصصي تعليمي ، اشد ما كان يفرحني حين دخولي الجريدة هو جو من الالفة والمحبة للجميع واقداح الشاي التي تدور على مدار الساعة ، كان كل فرد عامل يتمتع باحترام الجميع وخاصة الفئة العاملة والشغيلة.
كان صرحا امنا عكس الجو العام السياسي والاجتماعي الساخن، فالخروج الى الشارع يعني عين تراقب وعائلة تحسب الساعة والدقيقة للعودة وجار يترقب حركة هذه الفتاة غير الهادئة والحاجة الى الانفاق على شراء الكتب واجور النقل، واشد ما كان يؤلمني هو اني لم اعد اتناول السندويج الذي كانت تدسه امي في حقيبتي فقد كنت اود ان أثبت لنفسي اني كبرت ولم اعد احتاج رعاية احد لكني تعلمت بعدها أنني نقطة صغيرة بين البشر لن يكترث احد لي مثلما كانت تكترث لتأخري او غيابي.. كنت ابني قواعد شخصيتي الجديدة وكل من قابلته في عملي الصحفي اضاف لي سمة او ميزة تعلمت من البعض الحذر ومن اخر الود الانساني ومن البعض الانصهار بحب المعرفة وكانت اول شهادة اعتز بها قبل البكالوريوس وبعده هو عملي في هذه الجريدة واصبح قول الحق سمة اتمتع بها في مسيرة حياتي.