اخر الاخبار

الاحتفاء بلحظة تاريخية كبرى في تاريخ العراق الحديث، وخصوصاً ما له علاقة مباشرة بتاريخ الحزب الشيوعي العراقي، يوم صدرت جريدة “طريق الشعب” لأول مرة. وهذا يعني سردية كبرى انفتحت عليها العشرات من الكفاءات والطاقات الثقافية والفنية، والمثير في هذه اللحظة الكبرى ما توصلت له قيادة الحزب حول ضرورة تشكيل مكاتب صحفية تابعة للمنظمات الحزبية بالمحافظات العراقية. وانفتحت هذه المكاتب / خلايا شيوعية شابة لتأسيس علاقات لأسماء بارزة انتهت العلاقة معها بالانتماء للحزب وكان أول من أشرف على تشكل مكتب بابل الرفيق رضا الظاهر والتف معه عدد من الأسماء الثقافية البارزة والمعروفة، ووجود هذه الخاصية جعلت من المكتب فعالية كبرى بالعمل الصحفي الحزبي، وأشرف بنجاح بارز على مكتب الفرات الأوسط، ووضع له الخطط. وارجو أن لا يذهب البعض للتعامل مع حديثي بشيء من عدم الارتياح، لأن الحديث بروح متباهية عن فترة ما زالت حيّة في الذاكرة، واعتقد بأن الكثير سيثير الشكوك حول ما سأقول عن مثل هذه التجربة، وأنا سأذهب نحو تدوين سيرتي إذا ما توفرت الفرصة حتى أستعيد البسالة وسط ظروف سياسية ملتبسة. لكني الآن سأكتفي بما يمكن المرور به مشاركاً بالاحتفال بتاريخ كنا بعضاً من حضوره المزدهي بطاقات الشباب وتبادل التجارب والعلاقات مع رموز ذات دور قيادي في الحزب ومنهم عبد الرزاق الصافي، فخري كريم، أبو گاطع، زهير الجزائري، فالح عبد الجبار، مصطفى عبود، رشدي العامل، صادق الصائغ، سعاد الجزائري، مخلص خليل، فاطمة المحسن، سهام الظاهر .. والأسماء كثيرة ، لكني واثق وسعيد باستعادة كل الذين تعرفت عليهم ومنهم من كان مزدوج الوظيفة ثقافياً وسياسياً مثل الشاعر حميد الخاقاني، عدنان حسين. وكنا نحن الذين في المحافظات القريبة من بغداد نشرق على بناية طريق الشعب في السعدون ، نحمل معنا أحلاماً جديدة ، كنا نتشارك باقتراحها وانضاجها عبر توفير مستلزمات النجاح. وأبرز من كان في بابل الأستاذ رضا الظاهر، أمين قاسم خليل، شريف الزاملي، ناجح المعموري، عباس البياتي، أميرة عبد الرضا، الشهيد قاسم محمد حمزة. وبعد انتقال رضا الظاهر الى بغداد تسلم الشهيد قاسم محمد حمزة مسؤولية قيادة مكتب بابل والفرات الأوسط. وبشكل عام ساهمت عناصر بابل في تكوين وقيادة والاشراف على الفرات الأوسط، حتى تحول في فترة تزايد زخم العمل وانفتاح المنظمات الحزبية لدعم العمل بإيجاد مخصصات مساعدة لتوفير ما تحتاجه الطريق من تنوعات صحفية. وأمتلك مكتب الفرات قدرة اقتراح خطط تطوير أقرتها “هتج” (هيئة تحرير الجريدة) وعممتها على مكاتب المناطق بالعراق ومنها تأهيل المكاتب من خلال دورات الاعداد والعمل اليومي المباشر في اقسام طريق الشعب. وبعد التطور الملحوظ تقرر قيام مكتب الفرات باستلام التزامات مكاتب المحافظات حسب الجدولة الموضوعة من قبل “هتج” وتحريرها بطريقة لائقة وترسل الى الطريق قبل الموعد، ونجاح مقترحات العمل تفضي الى آليات جديدة ومستمرة ومن تلك الاليات تحول عمل الصفحات في الصحيفة من متابعة قضايا المواطنين والنقابات بشكل موسع. ولم تعد التقارير والتحقيقات المختصرة كافية وملبية لحاجات العمال، الفلاحين، التعليم والمعلم والثقاف ، لذا تقترح الصفحات المركزية العناوين وتجري صياغتها بعد استلامها من المحافظات وترسل الى المركز. وقد عرفت الصحفية العمل بتعدد الصفحات، لذا كانت “العمال” على سبيل المثال تظهر على حلقات تتجاوز الحلقتين وايضا الصفحات لاخرى وهذه مرحلة من اهم المراحل التي شهدتها طريق الشعب. وعرفت كل المكاتب المكانة التي تمتع بها مكتب بابل والفرات لأسباب منها وجود نخبة ممتازة من الاسماء الثقافية المنتمية للحزب والقدرة التي يتمتع بها الاستاذ رضا الظاهر ثقافياً، وقد لعب دوراً بارزاً في متابعة وتوجيه العم ، وحصل ايضا اكثر من ذلك بعد انتقاله الى بغداد وتسلم الشهيد قاسم محمد حمزة مسؤولية العمل. ولكي تكون الذاكرة دقيقة وتمنح لمن يستحق، فقد كان الاستاذ المرحوم امين قاسم خليل مشرفاً على تحرير واعداد صفحة العمال والنقد التلفزيوني.

وكان له حضور اوسع ومتابعة واسعة من القراء وتميزت مسؤولية الاستاذ ضياء صلوحي عن الرياضة وناجح المعموري عن الثقافة والاستاذ كاظم “ابو سلام” عن التعليم والمعلم. وتوفرت فرص جوهرية للبعض لممارسة التجربة باللجان المركزية في “هتج” مثل الاستاذ امين قاسم حيث زياراته للصفحة والعمل ضمن الكادر وتبادل الآراء. وتوفرت للأستاذ ناجح المعموري فرصة مهمة للعمل في لجنة فحص القصص مع الاستاذين غانم الدباغ وفهد الاسدي، وكان يحضر الاجتماعات الخاصة لصفحة “مرحباً يا طفال” مع الاستاذ عدنان حسين وشارك باعداد الصفحة.

يمثل الذي تحدثت عنه حاجة الى فضاء اوسع واعمق وضرورة كشف آلية التنافذ بين العمل الصحفي والثقافي ومشاركة مكتب بابل والفرات بعمل المختصات الثقافية والفنية وتعميم التجربة على المحافظات من خلال اجتماعات دورية والمشرف على اقتراح وتنظيم برامج الثقافة والفن في بابل هو الاستاذ ناجح المعموري، المسؤول عن ذلك بالتنسيق مع دور الثقافة والجماهيرية التي كانت من انجح التجارب في العراق مع البصرة حيث استمرت البرامج الثقافية متميزة ومتنوعة ومرغوبة كثيراً من قبل الاسماء الثقافية البارزة لتلبية الدعوات والحضور المثير للغاية يستعاد لأنه يحفظ لتجربة “هتج” قوتها.

بعد سقوط النظام الفاشي وصدور صحيفة المدى استدعاني الاستاذ فخري كريم رئيس مجلس ادارة وتحرير المدى وطلب العمل مراسلاً، لم استجب لذلك لعوامل عديدة، واقترحت عليه استعادة تجربة “هتج” والعمل بظاهرة المكتب الصحفي وقدمت له ما هو المطلوب. استجاب للمقترح ووفر كل الامكانيات المادية غير المتوقعة وحازت التجربة نجاحاً متميزاً لكن للأسف لم يشر لها احد من قيادات العمل في المدى. وادى المكتب تنوعاً ونجح بإجراء استطلاعات للرأي بالمناسبات الخاصة بالانتخابات مما ادى بالعاملين للاستفادة من ذلك. المجد والخلود للصحفيين الذين استشهدوا وما زالت تجاربهم حاضرة ومتجوهرة.

عرض مقالات: