في الثامن والعشرين من أيار/ مايو الجاري، وعن عمر يناهز 87 عاماً، توفي في أتلانتا بالولايات المتحدة، الكاتب الكيني نغوغي وا ثيونغو، المرشح الدائم لجائزة نوبل، والمدافع عن الأدب المكتوب باللغات الأفريقية.
وكان قد تعرض للرقابة في بلده، والاضطهاد والسجن والإجبار على المنفى خلال حقبة الديكتاتور دانيال أراب موي.
ولد وا ثيونغو عام 1938 في كاماريتو، بالقرب من العاصمة الكينية نيروبي، وعاش في الولايات المتحدة منذ عام 1983 عندما اضطر إلى الفرار من بلاده بسبب انتقاداته للطبقة الحاكمة التي وصلت إلى السلطة بعد الاستقلال، مما أدى إلى احتجازه لسنوات طويلة في سجن شديد الحراسة.
كانت مسرحية ساخرة كتبها بلغة الكيكويو وقام بتمثيلها مجموعة من الفلاحين، تصور محنة الأشخاص الذين لا يملكون أرضاً وتستغلهم النخب الفاسدة، هي التي أثارت غضب ساسة بلاده في عام 1977. وهذه التجربة يرويها الكاتب في روايته (شيطان على الصليب). وتشكل هذه الرواية، التي كتبها في السجن ونشرها عام 1980، معلماً بالغ الأهمية بين أعماله، وكان قد كتبها على ورق التواليت، وهو الورق الوحيد الذي كان بحوزته أثناء سجنه.
تخلى وا ثيونغو عن اللغة الانجليزية، كما تخلى عن الاسم الاستعماري الذي كان يوقع به في ذلك الحين، وهو جيمس نغوغي، واختار الاسم الذي يعرف به اليوم، واستمر يكتب بلغة الكيكويو حتى وفاته.
تتخلل أعماله المبكرة النضال ضد الحكم الاستعماري والحرب ضد الماو ماو (1952 - 1960) التي تسببت في قمع دموي للغاية من قبل السلطات الاستعمارية البريطانية، حيث تم طرد والده من أراضيه، وتوفي اثنان من إخوته في الصراع. قصة تشكل العمود الفقري لروايته (لا تبك أيها الطفل) التي نشرت عام 1964، وهو العام نفسه الذي حصلت فيه كينيا على استقلالها.
وفي العام التالي نشر (النهر الفاصل) الرواية التي تتناول حياة واياكي وعائلته، وتوضح كيف أثر الاستعمار والتحول الاجتماعي على حياته وعلاقته بالثقافة مع نضوجه ومواجهته لتحديات العالم الحديث.
وفي ذلك الوقت، انضم إلى جامعة نيروبي كأستاذ للأدب الإنجليزي. وكانت تلك السنوات هي التي كتب فيها وناضل من أجل وضع الأدب الأفريقي في المركز. وقد انعكس هذا في كتابه (تصفية استعمار العقل).
في عام 1997، نشر روايته الشهيرة (تويجات الدم) وفيها يحكي قصة أربعة شخصيات يتم استجوابهم في قرية كينية بتهمة القتل. قصة يستخدمها الكاتب للعب بالزمن، والسفر إلى الماضي، وكيف تتشابك حياتهم وما تواجهه كينيا في مرحلة ما بعد الاستعمار.
بعد عامين من وفاة دانيل أراب موي، عاد وا ثيونغو إلى كينيا عام 2004. وقد حظي بترحيب حار في المطار، ولكن بمجرد وصوله إلى شقته، تعرض لهجوم من قبل رجال مسلحين عازمين على قتله. وقد أجبره هذا الحدث على الذهاب للمنفى مرة أخرى.
لقد أخذ الموت نغوغي وا ثيونغو قبل أن ينال الجائزة التي يستحقها، متقدماً على مؤلفين آخرين فازوا بها في السنوات الأخيرة: جائزة نوبل في الأدب. ولكنه ترك وراءه مجموعة مهمة من الأعمال التي تظهر بوضوح نضاله والتزامه بأفريقيا الحرة والخالية من الاستعمار، وبالعدالة الاجتماعية، ومحاربة القمع والفساد.