على قاعة أكد للفنون، أفتتح المعرض الشخصي الثامن للفنان د. شوقي الموسوي، تحت عنوان (ذاكرة)، ضم (50) عملاً فنياً، بقياسات مختلفة، رسمت جميعها بألوان مادة الأكريليك. واتسمت اللوحات بتقسيم مساحاتها إلى عدة قطع متساوية مربعة الشكل أو مستطيلة، بدأ عددها من أربعة إلى أكثر من (20) قطعة، وكل لوحة تشترك بأبعادها الفكرية الفلسفية واللونية. الموسوي، بحث وعمل على ثيمة موضوع (الذاكرة) ولا غيرها، المخزنة بصور الطفولة وما رافقها من العفويات: الأصدقاء، والبيوتات، والشوارع، والسيارات، والدراجات الهوائية، أرقام وحروف وكتابات باللغة الإنكليزية، قد تعتبر لدينا طلاسم عابرة، ولكنه يتخذها مساراً توثيقياً لترسيخ زمن أو مكان، أو كلاهما. قد تكون هذه الذكريات، ماسأوية، دموية، حزينة، سلبية، فقدان... أو تكون فيها بعض من بصيص أمل قادم، أو حب، تألف، حنين لمكان أولي، لزمان لا يعود.. وأحياناً حتى الحزن يكون أكثر ذاكرة إنسانية مخزنة في ضمائرنا وقلوبنا.. وعيوننا. يؤكد الموسوي: "لاحظت في أكثر من دراسة علمية حول الذاكرة وعلاقتها بالفنون بشكل عام وبالرسم على وجه الخصوص بأن الفن التشكيلي يسهم في تحسين الذاكرة ويساعدنا على التذكر لتعزيز الأداء في عمليات التصوّر والتخيل والكتابة والإبداع". لقد أحب الموسوي، جميع ما لامسته يداه في صباه، أو طبعت في حدقات عيناه صور الحياة الاجتماعية التي عاشها.. أو حتى ما شنفته أذنيه من أخبار الحرب العالمية الأولى مثلاً، بحيث رسم صورة للسيارة التي كان يستغلها هتلر وكبار قادة الحروب.. الموسوي، لا يريد أن يغادر هذا الكم أو الخزين من الذكريات، لانه واقع فرض علينا. وفي أحد معارضه السابقة، حاول أن تكون جميع شخصيات لوحاته (مقطوعة الرأس)، وهي ثيمة رمزية لكي يعيش الإنسان بلا ذكريات، لا سيما وأن جميع ذكرياتنا مؤلمة حد العظم.. ولكن بالنتيجة لم يفعل شيئاً إزاء هذا، لأن الإنسان كائن حي، لا يستطيع أن يعيش من دون (رأس – ذاكرة) مهما كانت الصعاب! الأستاذ النفساني د. قاسم حسين صالح، حلل سايكلوجية أفكار الموسوي في هذا المعرض، قائلاً: "فقد جسد (الذاكرة العراقية) برموز وأرقام وأشكال وشخوص بأعمار مختلفة، فأنت حين تشاهد لوحة باللون الأصفر مكتوب عليها (1900) و(4) بلونين مختلفين، وحين ترى شاباً وفتاة، أو امرأة وطفلاً، أو فتاة بنصفين، أو كلمة (DREAM)، فان خلية دماغك سترسل إلى ذاكرتك (إستدعاء) من هذا الرقم أو الفتاة أو الكلمة.. فيثير عندك إنفعال الفرح أو الحزن أو الأسف، وقد تذهب إلى (الكافتريا) لتحتسي قهوة مرة أو حلوة، تنفيذا لطلب ذاكرتك وأنت لا تدري!". الفنان شوقي الموسوي، مواليد 1970. دكتوراه فلسفة فن إسلامي. حالياً أستاذ في كلية الفنون الجميلة/ جامعة بابل. أقام (8) معارض شخصية، فضلاً عن مشاركاته في العديد من المعارض والمهرجانات داخل العراق وخارجه. كتب الكثير من المقالات النقدية.