اخر الاخبار

مع روايتها السادسة (نار) الصادرة مؤخرا عن دار فايارد للنشر، تجسد الكاتبة ماريا بورشيه موضوع الحب العاطفي الذي لاينضب ..وتتنافس الروائية وكاتبة السيناريو ماريا بورشيه بهذه الرواية مع هوليبيك وبريت ايستون اليس على جائزة غونكور وجائزة رينو حيث تستغل موضوعا رومانسيا لالقاء نظرة لاذعة على المجتمع الغربي الذي تنتصر فيه الرأسمالية والوحشية بينما يغيب الحب عن ارواح شخوصه ويعشعش فيها الفراغ والملل والاكتئاب ..

تتناول الرواية قصة اللقاء غير المتوقع بين كليمان ، وهو رجل اعزب في الخمسينيات من عمره ،يشعر بالتعاسة وهو يقسم وقته بين اجتماعات عمله الغامضة في مكاتب شركته وكلبه ، والمعلمة الجامعية لور وهي في الاربعينيات من عمرها ، متزوجة ولديها ابنتان بينهن مراهقة متمردة ورافضة للواقع ..

ولايوجد الكثير من القواسم المشتركة بين لور وكليمان ، ومع ذلك ، وبعد اول وجبة غداء بينهما يحدث الانجذاب بينهما فتتخلى لور عن كل ماتتحلى به من ضبط النفس وتلقي بنفسها الى هذه المغامرة بينما يحاول كليمان المتشكك والمتردد ان ينأى بنفسه بعيدا في البداية ، ثم تبدأ المشاعر العاطفية مع فائض من الحياة والفرح والامتلاء والوحشية ..

ولكن شغف الحب سينتهي به الأمر إلى تدمير كل شيء في طريقه ، الحياة الأسرية لـ (لور) وتضاؤل اهتمام كليمان بعمله في مجال التمويل وتدني نسبة احترامه لذاته. فالحب العاطفي غالبا ما يكون محكوما عليه بالفشل ، حتى الموت.

لاوجود للحب هنا اذن بل هنالك لقاء بين صدمتين عبرت عنه الكاتبة بشكل سردي انجزنه بعناية اذ اختارت بورشيه اسلوب المنولوجات الداخلية لتعبر عن دواخل شخصياتها فلكل منها موسيقاها وايقاعها وتدفق افكارها ..سيبدو لنا ان لور وكليمان لايستمعان الى بعضهما ولايتفقان بل يصطدمان ببعضهما البعض من دون العثور على نقطة التقاء ،وبينما تسيطر والدة لور المتسلطة على افكارها ، يتصرف كليمان كطفل في الخمسين من عمره متهربا من كل مسؤولية او عبء ..اذن سنرى ماخلف الحب والقصة العاطفية حيث تكمن صعوبة العيش والبؤس الدفين وسينعقد الأمل فقط على المراهقة المتمردة فيرا فقط لأنها تنجح في التعبيرعن نفسها والاعلان عن افكارها محاولة البحث عن طريق ثالث تسلكه للخروج من ازمة والدتها وكليمان ..

 بهذه الصورة ، ترسم ماريا بورشيه صورة مؤلمة للمجتمع بهيئة مهزلة يائسة عندما تشير الى العالم الغربي الضيق المخدر الذي تهيمن عليه اوهام النجاح الاقتصادي والاجتماعي والعائلي والتي تتناقض مع البوهيمية الكامنة داخل كل فرد فيه ..وتقدم الروائية لقرائها هنا نصا منسوجا باحكام وهي تحرص على ملء المساحات الشاغرة دائما باستطرادات صغيرة تتخللها اقوال مأثورة داخل الجمل ذاتها مايؤهل روايتها المتألقة للفوز بالجوائز ..

ماريا بورشيه هي روائية فرنسية وعالمة اجتماع حصلت  على درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية وبعد الدراسة ، التي واصلت عملها في صحيفة لورين اليومية ، ثم انتقلت إلى باريس وقامت هناك بتدريس علم الاجتماع في جامعة باريس ، ثم عملت كمستشارة ، لا سيما مع المرافق الثقافية ، ومنذ عام 2006. قامت ، كجزء من مهامها ، بالتحقيق في ممارسات القراءة والترويج للكتب. وفي الوقت نفسه ، عملت “لحسابها الخاص” للتلفزيون. وفي عام 2009 ، كتبت وشاركت برنارد فارو في أول فيلم وثائقي بعنوان: تاريخ الكتب في التلفزيون مابين (1950-2008) ، وتم بثه على القناة الفرنسية الثانية . وقد شاركت منذ ذلك الحين في تطوير العديد من المشاريع من الأفلام الروائية أو الوثائقية التلفزيونية.

بورشيه هي ايضا مؤلفة العديد من الروايات التي نشرت دار غاليمار للنشر أغلبها وقد حازت روايتها الأولى ( اريك مان كريتيان) على جائزة في عام  2013، وجائزة اخرى عن روايتها الثانية “روما في يوم واحد” ، وتم ترشيح روايتها الرابعة “نافدو الصبر “ لجائزة فرانسوازساغان لعام 2019.وهاقد تم ادراج روايتها ( نار) الصادرة مؤخرا ضمن قائمة ضمت ستة عشر كتابا تم ترشيحها للفوز بجائزة غونكور الادبية ..

عرض مقالات: