اخر الاخبار

ماري ليبور Mary Leapor (1722-1746) شاعرة إنكليزية، ولدت في مارستون سانت لورانس، نورث هامبتونشاير، وكانت الطفلة الوحيدة للسيدة آن شارمان (توفيت عام 1741) والسيد فيليب ليبور (1693-1771). وقد حظيت من بين العديد من كتاب الطبقة العاملة في تلك الفترة بقبول ملحوظ.

جزئيًا كانت متعلّمة ذاتيًا، ولعلها تلقت تعليمًا أوليًا إما في مدرسة محلية للسيدات، أو في مدرسة مجانية في براكلي بالقرب من الكنيسة. بدأت وفقًا لوالدها، الكتابة "بشكل مقبول" في سن العاشرة. يتذكر والدها، "كانت غالبًا ما تخربش، وأحيانًا بالقافية". انتهى الأمر بوالدتها إلى تثبيطها عن الكتابة، وطلبت منها العثور على "عمل أكثر ربحية". كانت محظوظة بما يكفي للحصول على وظيفة خادمة مطبخ عند سوزانا جينينز Susanna Jennens (المذكورة باسم "بارثينيسا" في شعر ليبور) التي شجّعتها على الكتابة على ما يبدو وسمحت لها باستخدام مكتبتها. وكان لها تأثير فكريّ وأدبيّ حاسم على ليبور. كانت جينينز تكتب الشعر هي نفسها وكانت لها علاقات بكلّ من اللاهوتية ماري أستيل Mary Astell  ومع كاتبة الرسائل ورائدة التطعيم ضد الجدريّ ماري وورتلي مونتاجو Mary Wortley Montagu.

لم يكن جميع أصحاب العمل متعاونين أو يتفهمونها، وأدّى تفاني ليبور في الكتابة إلى طردها من وظيفة لاحقة عند عائلة السير ريتشارد تشونسي، حيث يبدو أنها لم تتوقف عن الكتابة حتى في المطبخ.

عادت إلى منزلها في براكلي لرعاية والدها الأرمل في عام 1744 أو 1745، وعلى الرغم من العديد من المسؤوليات وكونها ليست في أفضل وضع صحيّ، استمرت في الكتابة، حتى تمّ تداول عملها على نطاق معقول. نتيجة لذلك، التقت ببريدجيت فريمانتل (1698-1779)، ابنة قس سابق، التي أصبحت صديقتها ومعلّمتها. يبدو أن هذه العلاقة كانت بمثابة نقطة تحوّل بالنسبة لليبور، حيث كتبت الجزء الأكبر من أعمالها في فترة قصيرة جدًا. وكانت ابنة القس هي التي اقترحت على ليبور نشر مجلد من شعرها عن طريق الاشتراك. كما حاولت أيضًا عرض مسرحية لها، وهي مأساة شعرية بعنوان "الأب التعيس"، على مسرح كوفنت جاردن في لندن (ظلت مسرحية ثانية لها غير مكتملة). ولم ينجح كلا المشروعين على الفور. توفيت ليبور بسبب الحصبة في براكلي في 12 نوفمبر 1746 عن عمر يناهز الـ 24 عامًا فقط، وهو ما قد يفسّر غياب أي صورة مرسومة أو بورتريه لها.

مثل العديد من كتاب تلك الفترة، استخدمت ليبور اسماً مستعاراً يبدو ريفيًا، وهو "ميرا". استوحت الكثير من الشاعر ألكسندر بوب، الذي أُعجبت بعمله. كما كان الناثر والشاعر الأنكلو-إيرلندي جوناثان سويفت نموذجًا لها، وخاصة شعره المضاد لشعارات النبالة. وعلى عكس بوب وسويفت، لم يكن أمر النساء بالنسبة إليها محض "حماقات تستحق السخرية"، بل كان "ظلماً يستحق الاحتجاج". لقد أثّر الشاعران كلاهما بشكل عميق على أعمال ليبور، على الرغم من معارضتها لتفسيراتهما وفهمهما لشقاء المرأة. واستناداً إلى تجربتها الشخصية كامرأة، رأت الظلم في صلب النظام الاجتماعي وليس في النساء أنفسهن. في بعض الأحيان، تعكس كتابات ليبور وجهات نظرها المتشائمة حول الحياة، كامرأة وُصفت بأنها ذكية وفقيرة وضعيفة وغير جذابة. تركّز أعمالها على فضح الأساطير الرومانسية، وأهمية تعليم النساء، الأمر الذي فهمته جيدًا من حينها. تحاول ليبور "أن ترى ما وراء المظهر المصطنع إلى ما تعتقد أنوثة أكثر أصالة". إن قصيدتها "دوريندا أمام مرآتها" هي مثال على ذلك، حيث تصف امرأة تقدّر نفسها من خلال الصورة التي تراها في المرآة، لتصاب بالإحباط عندما تفقد جمالها الشبابيّ بتقدم العمر.

كانت ليبور التي اضطرت إلى العمل كخادمة مطبخ أثناء سنوات مراهقتها، مدركة تمامًا للقيود التي واجهتها بسبب جنوستها (Gender) وطبقتها الاجتماعية. ولحسن حظنا، لم تدع هذا يمنعها من كتابة الشعر، وعندما عادت لاحقًا إلى المنزل لرعاية والدها، كانت جهود صديقتها المذكورة بريدجيت فريمانتل تشير إلى أن نشر شعرها أصبح احتمالًا حقيقيًا. تم تمويل إنتاج مختارات من مجلدين عبر النشر بالاشتراك، وهي طريقة يمكن من خلالها للرعاة المهتمين طلب نسخة واحدة أو أكثر من العمل مسبقًا قبل أن يذهب إلى المطبعة، مع استخدام الأموال بعد ذلك لتمويل تكاليف الطباعة. للأسف، توفيت ليبور بالحصبة قبل أن تثمر خططها، ولكن وفقًا لطلب ليبور المحتضِرة، نُشرت قصائدها بعد وفاتها "لصالح والدها". حصد الاشتراك بعد موتها ما يقرب من 600 توقيع أي مشترك.

كانت حياتها الخاطفة محكومة بالفقر والعمل الشاق؛ لكنها أنتجت مجموعة من الأعمال القيمة. وعلى الرغم من أن قصائدها كانت حتى وقت قريب غير معروفة إلى حد كبير، إلا أن ظهورها التدريجي في المختارات البريطانية والأمريكية لاقى استحسانًا خاصًا. وقد اختارها النقاد كواحدة من أكثر الأصوات إثارة للإعجاب بين الشاعرات النساء في القرن الثامن عشر؛ واستجاب النقد النسوي الأكاديميّ المعاصر بحماس لمشاركتها المبكرة في قضايا عدم المساواة الاجتماعية والجنسانية؛ وكثيرًا ما كان الطلاب الجامعيون المعاصرون مسرورين بنضارة ذكائها وتحليلها القويّ للظلم والقمع. بالنسبة للكندية إيزوبيل غروندي Isobel Grundy، فإن ليبور "ربما كانت الأكثر تعقيدًا وثراء من بين جميع شاعرات الطبقة العاملة في القرن الثامن عشر"؛ في حين أنها بالنسبة للجامعية الكندية مارغريت آن دودي Margaret Anne Doody: "ترسم احتمالات نوع من التضامُن بين النساء من طبقات مختلفة... وأن ليبور هي واحدة من أذكى الشاعرات وأكثرهنّ صرامة وحتى جرأة". تتحدّث الشاعرة عن مخاوف مركزية لكثير من قارئات اليوم؛ رغم من أن قصائدها قد تبدو غريبة (وفي بعض الحالات قد لا تكون مكتمِلة)، ولم تكن غرابتها منفصلة عن فعّالية الشاعرة، وتدعمها حدّة الإيقاع والتركيز التعبيريّ.

حياتها القصيرة وموتها المبكر، لم تمنع أن ماري ليبور قد تركت وراءها مجموعة من "الشعر الممتاز" على حد قول النقاد المعاصرين. ومن بين أعمالها القصيرة الأكثر تألقًا "مقال عن المرأة" (كُتِب شعراً قبل عام 1746)، وهو هجوم نسويّ ناريّ على الدور المحدود المخصّص للمرأة في المجتمع البريطانيّ في القرن الثامن عشر. ويبدأ بسخرية مستحبّة باللعب مباشرة على الصور النمطية:

"... بعشرة آلاف حماقة في حسابها

فإن المرأة التعيسة ليست سوى عبدة طليقة".

تقول:

"المرأة، زهرة لطيفة ولكنها قصيرة العمر،

ضعيفة للغاية للعمل وضعيفة للغاية للسلطة:

زوجة في عبودية، أو خادمة مهملة؛

مُحتَقَرة إذا كانت قبيحة؛ وإذا كانت جميلة فهي خائنة.

إن الغِنى وحده يُلهم كل نعمة،

ويدعو النشوات إلى وجهها المثمر".

وضع المرأة، كما تقترح، مستحيل: فهي "ضعيفة للغاية" لأيّ عمل مفيد، والجمال لا يدوم إلا "عمراً قصيراً"، بينما المظهر الجميل لعنة أخرى تؤدي إلى "عبودية" الزواج أو خيانة [الرجل] المُغوي، ولكن بدونه لن تكون المرأة سوى كائناً "محتَقَراً". والطريقة الوحيدة التي تمكّنها من اكتساب مكانة اجتماعية هي الزواج، وبالتالي يتمّ تقديم المرأة النموذجية نفسها على أنها مهتمة فقط بتأمين "الثروة" عند شريك المستقبل، لأن هذه الثروة هي "الوحيدة" التي "تدعو النشوات إلى وجهها المثمر". الصفات الأنثوية الجذابة ترفع المرأة النموذجية إلى مستوى "فينوس المتلألئة"، مع تحذير ليبور، أن الزواج "يذيب انتصاراتها، ويسرق سحرها، ويعيد الربّة إلى طينتها الأصلية... وبتحقيق كامل إمكانات حياتها، لم يعد هناك شيء أمام المرأة سوى الرفض".

يمثل القسم الأخير من مقال ليبور عن المرأة استسلامًا مُتعَباً لامرأة تشعر بأنها عاجزة في نهاية المطاف عن النضال ضدّ مثل هذا القمع الاجتماعي الراسخ والعميق للنساء. تكتب:

[...]  سواء كانت غارقة في الجشع أو الكبرياء،

عذراء فاسقة أو عروس متضوّرة جوعاً؛

وسواء أكانت مع الحشود المندهشة التي تستمع إلى لسانها الساحر،

أو إذا اعتُبرتْ حمقاء، وتتحدث دائمًا بطريقة سيئة". وفي معرض حديثها عن "المكر" والعناد النمطيّ للمرأة، تقترح ليبور أنها طريقة الطبيعة "لتسليحنا" ضدّ القمع الاجتماعيّ، وأنها حماقة من "الحماقات". تعترف ليبور بحزن: " النساء التعيسات مجرد عبدات". فالمرأة التي تُعرَّف دائمًا بعلاقاتها مع الرجال، لا يُسمح لها إلا بوهم الحرية.

تتبنى ليبور منظورًا مزدوجًا للجَمال باعتباره مثالًا ومعبوداً، أصلًا ومسؤولية، هديةً وتشييداً.

في دراسة ميكائل مايرMeyer, Michael  المعنونة "ماري ليبور: الجسد الأنثويّ وجسد نصوصها" "MARY LEAPOR The Female Body and the Body of her Texts," ، المنشور في "1650-1850: أفكار وجماليات وتساؤلات العصر الحديث المبكر" (2004) المجلد 10، المقال 4، ص63-78، يقول المؤلف:

"أطروحتي الرئيسية هي أن تركيز ليبور على إدراك الجمال الأنثويّ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بخطابها المزدوج حول الحكم على فنها. تصف ليبور النساء بأنهن في آن واحد خاضعات وخارج الخطاب الجمالي الذكوريّ، كما أن شعرها خاضع للمعايير الذكورية للفن وخارج أشكال النقد الذكوريّ. ما هي الروابط بين تصوُّرات ليبور للعلاقة بين الجنسين وانعكاسها على إنتاجها الشعريّ واستقباله؟ تساجُل ماري ليبور بشأن المعايير الذكورية لاستخدام الجمال ولأجساد النساء وكذلك لكتابات النساء، بأن واجب المرأة في أن تكون مفيدة كخادمة يعيق إنتاجها الجمالي. إن الالحاح على ابراز قيمة الجمال الطبيعي عبر الفن تشعر به كلّ من المرأة والشاعرة على حد سواء. يهتمّ الرجال بعملها المفيد ويقرأون جسدها بدلاً من قصائدها. إذا قرأ الرجال إحدى قصائدها، فإنهم يولون المزيد من الاهتمام للجوانب المادية لجسد نصها بدلاً من جماليته أو أفكاره المفيدة. إن تقييم ماري ليبور لأهمية "الكتابة" التي تقوم بها متناقض. ففي حين خاطرت بوظيفتها من أجل شعرها، فإنها استخفت كذلك بشعرها (الخفيف)، وكما ذكرت صديقتها وراعيتها بريدجيت فريمانتل: "كانت دائمًا تطلق على ذلك اسم الخمول، وتطلق العنان لروح الدعابة، إذ عندما كانت مشغولة بكتابة الأجزاء الفكاهية (االطرفوية) من قصائدها؛ لم يكن هناك شيء يمكن أن يؤلمها أكثر من رؤية الناس يتخيّلون أنها بذلت الكثير من الجهد أو قضت الكثير من الوقت لمثل هذا الكتابة؛ أو أنها تمنحها قيمة كبيرة". أكدت ماري ليبور على أنها تكتب لنفسها، عندما أخبرت صديقتها أنها كتبت القصائد الفكاهية "لتحويل أفكارها عمّا هو غير سار". من الواضح أن الكتابة بالنسبة لميرا أو ماري ليبور لا تُستخدم فقط كمهرب ذهنيّ من العمل، بل كمقاومة لإجبارها على العمل الشاق من قبل أرباب العمل. وتشير الباحثة البريطانية دونا لاندري Donna Landry إلى أن حنة مور اعتبرت أن وقت فراغ الشاعرة البريطانية آن ييرسلي Anne Yearsley المنحنية على الكتابة كان يُعتبر انتهاكاً لامتيازات الطبقة المتوسطة وواجبات الطبقة الدنيا. تتأرجح قصائد ماري ليبور بين استفزاز الطبقة المتوسطة عبر تأكيد أهمية كتابتها، وخضوعها لمعايير التواضع عبر تحقيرها لذاتها. تجد البروفسورة جوسلين هاريس Jocelyn Harris ميلاً عاماً لدى شاعرات القرن الثامن عشر إلى إظهار التواضع على الرغم من إنجازاتهنّ. ويمكن قراءة إصرار ماري على الكتابة لاستخدامها الشخصي باعتباره ادعاءً غير مباشر بجودة قصائدها، في مقابل النتاجات التي يقدّمها الكتّاب المحترفون.

مقتطفات:

"على الرغم من أن جميع الشعراء الرومانسيين يغنّون،

فأن هذا الذَّهَب، يا عزيزتي، شيء مفيد"

قوة الجَمَال

يا ربّات الابتسامات الأبدية،

يا سيثيرا Cythera المشرقة الجميلة،

التي علّمت سابينا Sabina الحيل المبهجة،

التي فازت بها بيلير Bellair.

بيلير، الظريفة المغرورة،

التي سخرت من [تقلّص] قوّة الجَمال؛

ولكن الغازي سوين  Swainالمتواضع

يعشق الآن الزهور المرسومة.

فن ديليا Delia الصادر من شفتيها الورديتين

 يلهمني أغنيتي

لا يمكن أن يتعب من ديليا قط الجمهور المتحيّز،

حتى لو كانت كلوديا أكثر حكمة.

رغم أن ذكاء كلوديا Claudia وعقلها قد صُقِلا صقلاً،

وهما يتدفقان بيُسر على لسانها؛

فإن روحها محفورة بشكل خشن،

إذنْ كلوديا على خطأ.

"استمع [ي]، ديليا تتحدث - تلك الزهرة الجميلة،

انظر [ي] للجمهور وهو يحتشد حولها

بأفواه فاغرة: ويحدّق بعنف

لالتقاط الصوت الفارغ.

انظر [ي] بإنصاف إلى ليليا Lelia

المباركة بالحكمة الرجولية؛

الذكاء وسعة الاطلاع والبصيرة، كل شيء يظهر

في هذا الصدر رابط الجأش.

لا يوجد دوماً جمال يموت من أجل ليليا،

لا سونيتة تمهّد لها طريقها؛

قولي يا ربّة الإلهام، من أين تنشأ هذه الشرور،

لماذا تتسوّس أسنان ليليا؟

وإذن، لماذا يهاجم الحكماءُ الموقرون

كبرياءَ المرأة المفرط؟

إذا فشلت الحكمة والذكاء والحصافة،

فلنجرّبْ فنونًا أكثر دناءة.

 هذه الفنون تهدف إلى إرضاء الآخرين؛

" وبوجه غاضب،

أرسلت ملكة الحكمة مؤخراً

هذا الإعلان:

مينيرفا Minerva ذات العيون الزرقاء

كما يقتضي النظام،

إذا أردت أن تجعل بناتك حكيمات،

احرصْ على إصلاح أبنائك".

ملاحظة:

لم نجد سببا قوياً لإثقال المادة بأصول الأسماء: سيثيرا، سابينا، بيلير، سوين، ديليا، كلوديا، ليليا، مينيرفا.