خوذة رقمية
تأتي إليك، لا تُكلِّف نفسك عناء الذهاب إليها.
الحربُ تصلُك إلى عتبة بيتك، دلفري
هديّة بلا مناسبة.
لاتُرد الهدايا من كاهن الموت.
خائف؟
مِمَّ تخاف؟
المدافعُ تنامُ صدئةً في متاحف مغلقة،
صوتُ الرصاصِ وهو يثقبُك أعماقك و الهواء،
الجراثيم التي تزحف فوق يديك عبر سطوح الحواسيب؟
أزيز الطيور المعدنية القاتلة، تلك التي لا تُرى، ولانعرف أسماءَها ، من بعيد
الدّرون المفخّخ، كالجراد المرقمن
يُغنّي في سماء الدخان.
خائفٌ على ماذا؟
" طز.."
الحربُ قادمةٌ إلى بيتك،
دُلفري،
لا تحتاج أن تطرق بابها،
هي من تعرف الطريق إليك.
وإن لم تلتهمك،
فمن ستلتهم؟
من يملأ معدتها باللظى والدم والحديد؟
من غيركَ أنت؟
من غيري أنا؟
من غيرنا نحنُ؟
مساءٌ مميزٌ للرحيل
سَفَرٌ على سَفَر، وَقَلَقٌ كالعَفَنِ في الجُيوب،
وَحَقيبَةُ ذَاكِرَةٍ فَوقَ أُخرى.
لا يَعودُ النَّهرُ إلى مَسقَطِ رَأسِهِ،
ولا يعودُ شعاعُ شمسٍ للوراء،
كَذَا، لا يَعودُ الغَريبُ إلى مَنزِلِهِ إلَّا غَريبًا.
أيُّ عُذريَّةٍ لِمُهاجِر؟ لا أظن،
أيُّ لُغَةٍ مُتَلعثِمَةٍ بينَ ثَناياهُ ستبقى؟
وأيُّ لَيلٍ لم يأكُلْ مِن كَبِدِهِ مُضغَة؟
لكنَّكَ جِئتَني...
في حُلمٍ أم يقظة؟
جِئتَ بالنُّورِ والهَواء،
مِشاعًا كالحُلم،
مُنعِشًا، هشًّا كغَيمَة،
ومُؤلِمًا كحَجَرٍ في العَين.
ماذا أَردتَ مِنِّي؟
إذا كنتَ قد جِئتَ لِتَرحَل،
فماذا أَتى بخُطاك؟
كيفَ تَرَكتَها على البَابِ ومضيت؟
أيُّها الذي لا يُرَى إلَّا في مَنام،
أو لا يُرَى إلَّا حينَ أَموت.
مرثيَّةٌ لك،
مرثيَّةٌ للوَقت،
مرثيَّةٌ للرَّحيلِ المُؤَجَّلِ كلَّ مرةٍ حتى يَحينَ الوجع،
مرثيَّةٌ للهَوَاءِ الذي يَحتَفِظُ بآخرِ أنفاسِك،
مرثيَّةٌ لآخرِ ضَوءٍ احتَبَسَ في مُقلَتَيك،
مرثيَّةٌ لما لم تَقُل، وضاعَ في حَنجَرَةِ الفَجيعَة،
مرثيَّةٌ لكلِّ هذا...
ولا مرثيَّةَ لي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*اديب عراقي يقيم في هلسنكي