اخر الاخبار

أن المعرفة تتولد بفضل الأسئلة، وإن العقول تتحرر بفضل المعرفة، وإن الإنسان يتحرر بأستخدام عقله، أن اعدل الأشياء قسمةً هو العقل، هكذا افتتح ديكارت كتابه "تأملات في الفلسفة الأولى"، ولكن كل يستخدمهُ بطريقتهُ الخاصة، ومنهم من لايستخدمهُ اطلاقاُ، وربما هذه الفئة هي الأكبر، تتحكم بها الأهواء لا العقول، في هذا الكتاب المكون من ثلاثمائة صفحة، يتوغل ستيفن نادلر في فلسفة الهولندي الخلوق باروخ اسبينوزا، تتغير المفاهيم والتقاليد من إنسان إلى انسان، حيث يستخدم نادلر كل فلسفة اسبينوزا ليحولها الى دروس ومواعظ وإرشادات لحياة هانئة مستقرة لايعتريها القلق والخوف، القلق السلبي وليس الإيجابي بمفهوم هايدكر، ياخذ الإنسان الحر، من هو الإنسان الحر عند اسبينوزا، أن الإنسان الحر هو الذي يتحكم به عقله لا اهواءه، وهذه مهنة شاقة، مثل العربة التي يجرها حصانين واحد ابيض هو العقل والثاني اسود وهو الشهوة، الحصان الأبيض يريد أن يرتفع إلى الأعلى حيث التخلي عن صغائر الأمور وبعض الأشياء التي تزول بسرعة، والحصان الأسود يريد أن يجرك آلى الأسفل، حيث الرذيلة والنفاق وعداوة الآخر، يوضح اسبينوزا بواحد من كتبه، "أن ليس في النفس اي إرادة مطلقة أو حرة بل يتحتم على النفس أن تريد هذا أو ذاك بمقتضى سبب يعينه سبب آخر"، كما يوصينا اسبينوزا بأن التعلق المفرط بالأشياء هو أيضا سبب المعاناة، أن صروف الدهر وهمومه إنما سببها الرئيسي هو الحب المفرط لأشياء تطرأ عليها تحولات كثيرة ويتعذر حيازتهما تماماً. ولا أحد يعتريه القلق أو الحزن لا بشأن موضوع حبه، ولا تنشأ الإهانات والشكوك والعداوات إلا بسبب عشق الاشياء التي لا يستطيع أحد أن يحوزها تمامًا، وحده العقل والمعرفة بأمكانهم أن يخلصنا من الأشياء السامة التي تشل حركتنا نحو التقدم، تؤّي المعرفة والفهم إلى الهدوء والسيطرة على الذات. فالإنسان الفاضل علی نحو عقلي يعرف سلام لنفس الحقيقي. لذلك نعم، الإنسان الحر سعيد، بأصدق معنى للسعادة البشرية، يواصل ستيفن نادلر بتتبعه أهم أفكار اسبينوزا، مثل الفضيلة والحب والكراهية، والطمع  والصدق والموت والحياة القويمة، الفضيلة ليس عكسها الرذيلة وإنما العجز لأن الفضيلة قوة، والحب هو من يرتفع بالإنسان، وغياب الكراهية تجاه الآخرين يحرر النفس ويمنحا السلام الداخلي، اما الطمع التشبث بالأشياء التي هي على زوال، هذا هو الجهل بعينه، اما الصدق هو الشجاعة، شاجعة العقل وبصيرته،  اما الموت فعلينا أن ننساه اولا نفكر به اصلآ علينا التأمل في الحياة فقط.